كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 32 """"""
المتقي والمستكفي والمطيع ، فقال ننظر في ذلك ، وانصرفت . فبلغني أنه قال بعدي : أبو محمد لا يشك بولائه ولكنه يميل إلى الفرغانية ، ثم لم يقبل ما أشار به الفرغاني ، بل وثب على الأمر وأنزل اسم مواليه عن المنابر ، وأقام كذلك إلى أن توفي في يوم الثلاثاء لعشرين بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة . وكان سبب وفاته أنه سم في لوزينج قدمته له إحدى جواريه وقد أتى من الميدان وهو جائع ، فأكله ومات ، وقتلت الجارية بعده ، وكانت قد وضعت لذلك ، ومات وله من العمر خمس وستون سنة على التقدير ، فإنه جلب في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وعمره أربعة عشر سنة ، وبيع باثني عشر ديناراً .
قال المؤرخ : وكان لكافور معروف في كل سنة للحاج أكثر ما ينفذ معهم مالاً وكسوة وطعاماً ، ويبعث معهم صندوقين من كسوة بدنه تفرق على الأشراف ، وكان له من الغلمان الأتراك ألف وسبعون غلاماً يغلق عليهم باب داره ، وتمام الألفي غلام روم ، وسوى المولدين والسودان ، يكون عدة غلمانه أربعة آلاف غلام . وكان راتبه في مطبخه في كل يوم ألف وسبعمائة وطل لحماً سوى الدجاج والفراريج ، والخراف المشوية والحلوى وغير ذلك . وخطب له بالحرمين الشريفين ، ونفذ حكمه في الشام والحجاز وطرسوس .
وكانت له خزانة شراب يفرق منها في كل يوم خمسون قرابة من سائر الأشربة في الحاشية ، ولما مات كافور خلف في خزائنه عيناً وجواهراً وثياباً وسلاحاً

الصفحة 32