كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
بمبلغ ألف ألف دينار .
وحكي أنه كان في ابتداء أمره قبل اتصاله بالإخشيد لحقه جرب حتى كان لا يقابل فطرده سيده ، وكان يمشي سوق بني نجاسة ، وفيه طباخ يبيع الطبخ ، فطلب كافور منه أن يطعمه ، فضربه بالمغرفة على يده ، وهي حارة ، فسقط مغشياً عليه ، فأخذه رجل من المصريين وداواه حتى وجد العافية فأتى إلى سيده فقال ل سيده : خذ أجرة ما فعلت . فأبى ؛ وقال : أجري على الله . وكان كافور كلما عزت نفسه يذكرها بضرب الطباخ بالمغرفة ، وربما يركب ويأتي الخط وينزل ويسجد شكراً لله تعالى .
وحكى أيضاً أنه أجتاز يوماً بالنحاسين وهو في موكبه فوقف على حانوت هراس ، وكان إلى جانبه الوزير ابن الفرات فبكى كافور بكاءاً شديداً وكان يقول في بكائه : فاز الجمال فاز الجمال ، وساق وهو على تلك الحال ، فلما استقر بمكانه وسكن ، سأله الوزير عن سبب بكائه ، فقال : لما طلعت من المركب من بحر الحجاز ، وكان يومئذ سيدي الذي جلبني إبراهيم البلوقي ، فركب الجمل وقصدنا قوص ونزلنا في بعض الأيام وجلست مع الجمال ورجل آخر كان معنا قد وصل من الحج ، فقال الرجل : أشتهي على الله قدر هريسة قدامي . فقلت له : أنا أشتهي على الله ملك مصر ، فقال الجمال : اشتهيت على الله الجنة ، وغاب عني الحديث . فاتفق أن سيدي إبراهيم باعني لمحمد بن هاشم ، ثم باعني لأبي أحمد بن عياش ، فوهبني لجارية له ، ثم وهب 20 أبو أحمد الجارية بعد مدة للإخشيد ، فطلبني تكين الخاصة من الإخشيد فأهداني إليه ، فلم أزل إلى أن ملكت مصر ، وصاحب الحانوت الذي وقفت عنده هو الذي اشتهى قدر الهريسة ، فعرفت أن ذلك الوقت وهب الله لكل منا ما اشتهى ، ففاز الجمال بالجنة .
وحكى أبو جعفر المنطقي قال : دعاني كافور يوما وقال لي : أتعرف منجماً كان يجلس في دار فلان ؟ فقلت : نعم ، قال : ما صنع ؟ قلت : مات منذ سنين كثيرة ، فقال : مررت عليه يوماً فدعاني وقال : انظر لك ؟ قلت : افعل ، فنظر ، ثم قال : ستملك هذه المدينة وتأمر فيها وتنهى ، وكان معي درهمين فدفعتهما إليه ، وقلت : ما معي غيرهما ، وقال : وأزيدك ؛ ستملك هذه المدينة وغيرها وستبلغ مبلغاً عظيماً ، فاذكرني ، فانصرفت ، فلما نمت البارحة رأيته في منامي وهو يقول لي : ما على هذا فارقتني . وأريد أن تمضي وتسأل عن حاله ، وهل له ورثة ؟ فسألت عنه فقيل : له ابنتان إحداهما بكر والأخرى متزوجة ، وأعلمته ؛ فاشترى لهما داراً بأربعمائة دينار ، ودفع للبكر مائتي دينار تتجهز بهما .
وقال الحسن بن زولاق المصري المؤرخ : كان الشريف عبد الله بن أحمد