كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
الحسيني ، وهو ابن طباطبا ، يرسل إلى كافور في كل يوم جامين حلوى ، ورغيفاً في منديل مختوم ، فخوطب كافور في الرغيف وقيل له الحلوى حسن فما تصنع بالرغيف ؟ فأرسل إليه وقال : يجريني الشريف في الحلوى على العادة ، ويعفيني من الرغيف ، فركب الشريف إليه وقال : أيدك الله ، أنا ما أنفذ الرغيف تطاولاً ولا تعاظماً وإنما هي صبية حسنية تعجنه بيدها وتخبزه ، فأرسله على سبيل التبرك ، فإذا كرهته قطعناه ، فقال : لا والله ، ولا يكون قوتي سواه . وقيل أنه ركب يوماً في موكبه والشريف أبو جعفر نقيب الطالبين يسايره ، فوقعت مقرعته ، فنزل الشريف فناوله إياها ، فتذمم كافور من ذلك وتأوه وبلغ منه مبلغاً عظيماً . فلم نزل داره أرسل إلى الشريف جميع ما كان يملكه في موكبه من مماليك ودواب وآلة واعتذر منه . قال التنوخي في نشوار المحاضرة : وكان قيمه ما سيره إليه خمسة عشر ألف دينار .
وفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة قدم عليه أو الطيب المتنبي فأكرمه وخلع عليه ، وأنزله بداره ، وحمل إليه ألوفاً من المال ، فقال أبو الطيب قصيدته التي أولها :
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً . . . وحسب المنايا أن تكون أمانيا
تمنيتها لما تمنيت أن أرى . . . صديقاً ، فأعيا أو عدواً مداجيا
وجاء منها في مدح كافور :
فجاءت به إنسان عين زمانه . . . وخلّت بياضاَ خلفها ومآقيا

الصفحة 34