كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، فلما أقام وانتشر خبره طلبه العسكريون فهرب وأخذ طريق الشام ومعه الحسين الأهوازي ، فلما توسطا الشام عدلا على سلمية ليخفي أمرهما فأقام بها عبد الله وأخفى أمره .
نرجع إلى قول ابن شداد ، قال : ثم مات عبد الله ، وكان له جماعة من الولد فخلفه منهم ابنه أحمد ، فقام مقام أبيه ، وجرى على قاعدته وبث الدعاة ، واستدعى رجلاً من أهل الكوفة يقال له أبو الحسين رستم بن الكرخيين بن حوشب بن زادان النجار ؛ وكان هذا الرجل من الإمامية الذين يقولون بإمامة موسى بن جعفر ، فنقله إلى القول بإمامة إسماعيل بن جعفر . وكانوا يرصدون من يرد من المشاهد وينظرون إليهم ، فمن كان فيه مطمع وجهالة استدعوه ، ولا يستدعون إلا الجهال ومن له بأس وجلد ، وعشيرة ومال ، وعز ومنعة ، ويتجنبون الفقهاء والعلماء ، والأدباء والعقلاء .
وكانوا يطلبون أطراف البلاد ، فقال لهم بعض من ورد عليهم : إن بجيشان والمدحرة والجند من أرض اليمن رجلاً جلداً كثير المال والعشيرة يتشيع ، وبهذه الناحية شاعر يقال له ابن خيران يسب في شعره أبا بكر وعمر ، والمهاجرين والأنصار ، على مثل سبيل الحميري الشاعر ، فورد ذلك الرجل المذكور ، وهو أبو الخير محمد بن الفضل من أهل جيشان من اليمن ، ودخل إلى الحيرة ، فرأوه يبكي على الحسين بن علي ، فلما فرغ من زيارته أخذ الداعي يده وقال له : أني رأيت ما كان منك من البكاء والقلق على صاحب هذا القبر ، فلو أدركته ما كنت تصنع ؟ قال كنت أجاهد بين يديه ، وأجعل خدي أرضاً يطأ عليها ، وأبذل مالي ودمي دونه ، فقال له : أتظن أن ما بقي لله حجة بعد هذا القبر ؟ قال : بلى ، ولكن لا أعرفه بعينه ، قال : فتريده ؟ قال إي

الصفحة 43