كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 46 """"""
وكان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وأما أحمد بن عبد الله بن ميمون فإنه لما قوي أمره ، وكثرت أمواله ، ادعى أنه من ولد عقيل ابن أبي طالب ، وهم مع هذا يسترون أمرهم ، ويخفون أشخاصهم ، ويغيرون أسماءهم وأسماء دعاتهم ، وينتقلون في الأماكن ، ثم مات أحمد فخلفه محمد ، وكان لمحمد ولدان ، أحمد والحسين ، فمات أحمد فصار الحسين إلى سلمية وله بها أموال من ودائع جده عبد الله القداح ، ووكلاء ، وأتباع ، وغلمان ، وبقي ببغداد من أولاد القداح أبو الشلغلغ ، وهو محمد بن أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان ، وهو مؤدب بآداب الملوك .
وكان الذي بسلمية يدعي أنه الوصي وصاحب الأمر دون بني القداح ، ويكاتب الدعاة ، ويراسلونه من اليمن ، والمغرب ، والكوفة ، واتفق أنه جرى بحضرته بسلمية حديث النساء فوصفوا امرأة رجل يهودي حداد مات عنها زوجها ، وأنها في غاية الجمال ، فقال لبعض وكلائه زوجني بها ، فقال إنها فقيرة ولها ولد ، فقال : ما علينا من الفقر ، زوجني بها فأرغبها وأبذل لها ما شاءت ، فتزوجها وأحبها ، وحسن موقعها عنده ، وكان ابنها يماثلها بالجمال ، فأحبه وأدبه ، وعلمه ، وأقام له الخدم والأصحاب فتعلم الغلام ، وصارت له نفس كبيرة وهمة عظيمة .
فمن العلماء من أهل هذا الدعوة من يقول : إن الإمام الذي كان بسلمية من ولد القداح مات ولم يكن له ولد ، فعهد لابن اليهودي الحداد ، وهو عبيد الله الذي نعت بالمهدي ، وأنه عرفه أسرار الدعوة من قول وفعل ، وأعطاه الأموال ، وتقدم إلى أصحابه ووكلائه بطاعته ، وخدمته ومعونته ، وعرفهم أنه الإمام والوصي ، وزوجه ابنة عمه أبي الشلغلغ . هذا قول ابن القاسم الأبيض العلوي وغيره من العلماء بهذه الدعوة ، وبعض الناس ، وهم قليل ، يقولون إن عبيد الله هذا ، المنعوت بالمهدي ، من ولد القداح .
ومنهم من يقول فيه قولاً آخر ، نذكر إن شاء الله عز وجل .
فهذا ما حكي في ابتداء أمرهم ، فلنذكر أخبار الشيعي ببلاد المغرب ، والله أعلم .