كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 47 """"""
ذكر أخبار أبي عبد الله الشيعي داعي المغرب وما كان من أمره وكيف ظهر وما فتحه من بلاد المغرب
قال أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم الكاتب المعروف بابن الرقيق ، في تاريخ إفريقية ، وغير ابن الرقيق ممن ذكر أخبار هذه الدولة : كان أبو عبد الله الشيعي من أهل الكوفة ، وقيل من أهل صنعاء ، واسمه الحسين ابن أحمد بن زكريا ، فاتصل بالذي يدعى أنه الإمام ، وهو ابن القداح الذي ذكرناه المختلف في نسبه ، فأرسله إلى أبي القاسم الحسن بن حوشب الكوفي النجار ، وهو المعروف بالصناديقي ، داعيتهم باليمن وكتب إليه أن ينصره ويرشده ، وقال لأبي عبد الله : امتثل سيرته ، وانظر إلى مخارج أفعاله فاعمل بها ، ثم اذهب إلى المغرب . فخرج حتى انتهى إلى أبي القاسم ، فأنزله وأكرمه ، وأقام عنده من وقت انصراف الحاج من مكة إلى اليمن إلى وقت خروجهم في العام المقبل . فخرج أبو عبد الله مع الحاج إلى مكة .
فلما قضى الناس حجهم واستقروا بمنى جعل الشيعي يمشي بمنى وينظر إلى الناس ، فمر بجماعة من كتامة وهم في رحالهم ، وكانوا من الشيعة الذين تشيعوا بسبب الحلواني وفيهم حريث الجيملي وموسى بن وجاد ، فسمعهما الشيعي يذكران لأصحابهما فضائل علي بن أيطالب ، رضي الله عنه ، فجلس إليهما وذكر من ذلك شيئاً ، وأقبل القوم وحدثهم طويلاً ، ثم نهض ليقوم فقاموا معه ، ومشوا بمشيه ، وعرفوا مكانه ، ثم أتوا من الغد فأوسع لهم الحديث ، فزادهم ذلك فيه رغبة ، وعليه إقبالاً ، ثم صحبهم في طول الطريق بعد انصرافهم من الحج إلى أن وصلوا إلى مصر ، وهم يبالغون في خدمته ، ويرحلون برحيله ، وينزلون بنزوله ، وهو يسألهم عن بلادهم في خلال ذلك ، وعن طاعتهم لملوكهم ، فيقولون ما علينا طاعة لهم ، وهو لا يعرض لهم

الصفحة 47