كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
قال : فاتصل خبر الشيعي بإبراهيم بن أحمد صاحب إفريقية ، فكتب إلى موسى بن عياش يسأل عن خبره فضعف موسى أمره فكتب إليه ثانياً وأرسل ابن المعتصم المنجم ، وأمر إبراهيم بن أحمد موسى بن عياش أن يتلطف في اتصاله إلى أبي عبد الله ، وأن يختبر أحواله ، ويأتيه بصحيح خبره ، وأوصاه بوصايا أمره أن يذكرها له .
فلما وصل إلى موسى أرسل إلى بني سكتان يخبرهم أن إبراهيم قد بعث برجل إلى أب يعبد الله ليجتمع به . فرفع ذلك إلى أبي عبد الله ، فأذن له . فلما انتهى إليه قربه وأقبل عليه ، فقال له ابن المعتصم : إن الأمير إبراهيم ابن أحمد وجهني إليك برسالة ، فإن أذنت لي أديتها . فقال له : أدّ رسالتك قال : وأنا آمن ؟ قال : نعم . فقال : يقول لك الأمير : ما حملك على التعرض لسخطي ، والوثوب في ملكي ، وإفساد رعيتي ، والخروج علي ؛ فإن كنت تبتغي عرضاً من أعراض الدنيا فإنك تجده عندي ، وإن أنت تلافيت أمرك ، ورجعت عن غيك ، فصر إلى وأنت آمن ؛ فإن أردت المقام ببلدنا أقمت ، وإن أحببت الانصراف انصرفت . وإن كان قصدك قصد من سولت له نفسه الخلاف على الأئمة ، واستفساد جهلة الأمة ، فلقد عرفت عواقب من تمنيه نفسه أمنيتك ، وسولت له ما سولت لك ، من الهلاك العاجل ، قبل سوء المصير في الآجل . ولا يغرنك ما رأيت من إقبال هؤلاء الأوباش عليك ، وأتباعك ، فإني لو صرفت وجهي إليك لأسلموك ، وتبرءوا منك ، واعلم أني أردت الأعذار إليك ، لاستظهار الحجة عليك ، وهذا أول كلامي وآخره ، لا أقبل لك بعد هذا توبة ، ولا أقيلك عثرة ، ولا أجعل جواب ما يمكن منك إلا النهوض إليك بنفسي ، وجميع أبطال رجالي ، وأنصار دولتي ، وجملة أهل مملكتي فعند ذلك تندم حين لا ينفعك الندم ، ولا تقبل منك التوبة ، فانظر في يومك لغدك ، وقد أعذر إليك من انذر .
فقال له أبو عبد الله الشيعي : قد قلت فاسمع ، وبلغت فابلغ : ما أنا ممن يروع بالإيعاد ، ولا ممن يهوله الإبراق والإرعاد . فأما تخويفك إياي برجال مملكتك ، وأنصار

الصفحة 49