كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
فلما قارب عسكر موسى ، كمن بعضهم ، وجعل بينهم وبينه إشارة إذا سمعوها ظهروا .
ثم دخل العسكر فيمن بقي معه على زي الأعراب ، وأصحاب موسى على غرة ، وقد تفرق بعضهم في حوائجهم ، فانزعج العسكر وركبوا ، فركب موسى ، فانهزم أبو الأغر بين يديه ، فاتبعه حتى أخرجه من العسكر ، واستمر حتى جاور الكمين ، فنادى أبو الأغر بالإشارة التي بينه وبينهم ، فثاروا ، وعطف أبو الأغر على موسى فأسره ، وأخذه حتى وصلوا به إلى ابن جيغويه ، وإلى ابن طولون فاعتقلاه ، ورفع إلى مصر ، وكان وصوله إليها في سنة ست وستين . .
ذكر عصيان العباس بن أحمد بن طولون على أبيه وما كان من أمره
في سنة خمس وستين ومائتين عصى العباس بن أحمد أبيه ، وسبب ذلك أن أباه لما استخلفه بمصر ، كما ذكرناه ، وخرج إلى الشام ، حسّن للعباس جماعة كانوا عنده أخذ الأموال والإنسراح إلى برقة ، ففعل ذلك ، وحمل معه أحمد بن محمد الواسطي كاتب أبيه ، وأيمن الأسود مقيدين .
فلما رجع أحمد إلى مصر وجده قد أخذ ألفي ألف دينار ، واستلف من التجار ثلاثمائة ألف دينار ، وأمر صاحب الخراج أن يضمنها لهم ، ففعل . فراسل أحمد ابنه واستعطفه فلم يرجع ، فخاف من معه وأشاروا عليه بقصد إفريقية ، فسار إليها ، وكاتب وجوه البربر ، فأتاهم بعضهم . وكتب إلى إبراهيم بن الأغلب يقول : إن أمير المؤمنين قلدني إفريقيا وأعمالها ، ورحل حتى أتى حصن لبدة ، ففتحه أهله له ، فقابلهم أسوأ مقابلة ، ونهبهم ، فمضى أهل الحصن إلى إلياس بن منصور النفوسي ، رئيس الإباضية ، هناك ، فاستغاثوا به ، فغضب بذلك ، وسار إلى العباس ليقابله .
وكان إبراهيم بن الأغلب قد أرسل إلى عامل طرابلس جيشاً وأمره بقتال

الصفحة 5