كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 50 """"""
دولتك ، أبناء حطام الدنيا ، الذين يقتادون لك سائق ، ويجيبون كل داع وناعق ، فإني في أنصار الدين ، وحماة المؤمنين ، الذين لا تروعهم كثرة أنصار الباطل ، مع قول الله تعالى ، وهو أصدق القائلين : " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ، والله مع الصابرين " فأما ما أطمع به من دنياه وعرضه من زبدها وحطامها ، فلست من أهل الطمع فأميل إليه ، ولا ممن يرغب فيما عنده فيأته . وإنما بعثت رسولاً لأمر قد حم وقرب ، فإن سولت له نفسه ما وعد به ، ودعته إليه ، فسوف يعلم أن الله عز وجل من ورائه ولن تغني عنه فئة شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين فهذا جواب ما جئت به ، فبلغه إن شاء الله .
قال : ولما اشتهر أمر الشيعي ببلد كتامة ، ونظر رؤساء القبائل وولاة البلدان فلم يروا في إبراهيم بن أحمد نهضة في أمر ، وخافوا على زوال الرئاسة من أيديهم ، وتقديم من يسارع إلى أمره عليهم ، ممن كانوا يرونه دونهم ، كتب بعضهم إلى بعض في ذلك ، فاجتمعوا وتعاقدوا . وكان ممن سعى في ذلك موسى بن عياش صاحب ميلة ، وعلى بن عسلوجة صاحب سطيف وحي بن تميم صاحب بلزمه وكل هؤلاء أمراء هذه المدن ، وعندهم العدة والعدة والأموال الكثيرة والنجدة ، والقوة ، ومن مقدمي كتامة وكبارهم وولاة أمورهم : فتح بن يحيى المشالي ، وكان يقال له الأمير ، ومهدي بن كناره ، رئيس لهيصة ، وقرح بن خيران ، رئيس أجاته ، وثميل بن فحل رئيس لطاية ، واستعملوا آراءهم في أخذ الشيعي فعلموا ، أنهم لا يقدرون عليه عنوة من أيدي