كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
بربر ، وقوم ليست لهم تلك الأذهان ؛ ناظروه يظهر عليهم ولم يجدوا حجة . يحتجون بها عليه . وقالوا له : أترى نحن وآباؤنا والناس كلهم في ضلالة ، وهذا وحده على الحق والهدى ، وكرروا عليه ما وعدوه به من التقدمة عليهم ؛ فأصغى إليهم ووعدهم أن يتلطف في إخراجه . فجعل يتكلم في ذلك ويحتج على أهل بيته ، ويخوفهم العواقب ؛ فاتصل كلام بنان بالشيعي فانتقل عنهم .
ذكر انتقال أبي عبد الله الشيعي عن بني سكتان إلى بني عصمة بتازرارت
قال : واتصل هذا الخبر بالحسن بن هاورن العصمي ، وكان قد دخل في هذا الأمر ، وهو معروف بالأدب وكثرة النعمة ، وهو مطاع في قومه . فأتى الشيعي ورغب إليه في الانتقال إلى مكانه ، ووعده بالذنب عنه ، والمدافعة بنفسه وأهله وماله ؛ وذكر ذلك لأصحابه فأشاروا عليه به . وعظم ذلك على بني سكتان وكرهوه ، وقالوا له : نحن ندافع عنك بأنفسنا حتى نقتل كلنا دونك . فشكر قولهم ، وانتقل إلى الحسن بن هارون إلى تازرارت فتلقاه من بها من أصحابه وغيرهم . وقام العصميون بما احتاج إليه الشيعي وأصحابه ، وقاسموه أموالهم . وأقبل أصحاب الشيعي من كل ناحية ، وكل منهم يأتي بما يملكه ، ويبذله بين يديه . فاجتمع أمره ، وامتنع جانبه ، واجتمعت عصمان على نصرته ، وخلق كثير من قبائل كتامة ، وندم بنان بن صقلان على ما كان منه في حقه ، وعظم شأن الحسن بن هاورن بفعله .
وكان للحسن أخ وهو أسن منه ، اسمه محمود ، فوجد في نفسه من ذلك ، وكان قبل ذلك مقدماً على أخيه لسنه ، وكان أيضاً مطاعاً في أهل بيته ، فنكل بذلك ، وفشا عنه