كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 53 """"""
هذا والحسن يداريه ويستعطفه ، خوفاً من أن يفترق جماعة عصمان .
فلما صار أمر الشيعي . بتازرارت إلى ما صار إليه وانتهى ذلك إلى القوم الذين كانوا تعاقدوا عليه أولاً ، فسقط في أيديهم ، وعظم أمره عليهم ، فرجوا أن يصلوا من محمود بن هارون إلى ما يريدونه من أمر الشيعي ، فاجتمعوا إلى مهدي بن أبي كتامة اللهيمي ، فذكروا له ما بلغهم عن محمود ، وقالوا له : هذا جارك وصديقك ، فلعلك أن تستميله فتفرق به جماعة عصمان ، فيمكننا ما تريد .
فركب مهدي إلى محمود ، وذكر له اجتماع وجوه كتامة وأنهم أرسلوه إليه وقالوا إنه قد أجحف أخوك بنفسه وأهل بيته وجاء إلى عصمان ببلية قد تعافى منها بنو سكتان ، وتخلصوا من شرها 28 وجعل يخوفه من سوء العواقب ، ووعده عنهم بالتقدمة على أنفسهم . فاستماله بذلك مع ما داخله من الحسد لأخيه والغيرة منه .
فقال : القول في ذلك ما قلت ، ولكنه قد تمكن وقوي وكثرت أتباعه ، وليس هو الآن كما كان في بني سكتان ، وقد أجابته عصمان وكثير من عامة كتامة ، فهم يقاتلون دونه ؛ فمتى دعوت من يطيعني من عصمان إلى أخذه صرنا فريقين ، واهلك بعضنا بعضاً ، وما أرى في أمره إلا ما رأى لي بنان : أن يأتي بالعلماء إليه فيناظروه ، فإن قامت حجتهم عليه وجدنا السبيل إليه ، وإن كانت الأخرى دبرنا رأياً آخر إن شاء الله تعالى . وانصرف مهدي إلى القوم فأخبرهم . فقالوا : من الذي يناظره من علمائنا وأنت ترى الواحد من جهالنا إذا دخل في أمره ناظرهم فقطعهم ، فكيف به ، فقال : قد رأيت من محمود في قتله ومال إلى ما وعدناه به من التقدمة ، مع ما داخله من الحسد لأخيه ؛ ولم أجد عنده غير ما فارقته عليه ، وما علينا أن نأتي بالعلماء فإذا هم أخرجوه وقعنا عليه أسيافنا فقتلناه ، ويكون بعد ما عساه أن يكون ، فأرسلوا في طلب العلماء من كل ناحية ، وقالوا لا نأتيه في احتفال كما فعلنا ببني سكتان .
واتصل الخبر بالحسن بن هارون ، وبالشيعي ، فقال لهم ليجتمع جماعة عصمان إلى محمود فيلاطفوه ويذكروا له ما اتصل بهم ، ويحذروه العار ، والنقص ، وسوء

الصفحة 53