كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
ذكر تغلبه أبي عبد الله الشيعي على مدينة ميلة
قال ابن الرقيق : كان سبب ذلك أن قيس بن أبي جرير من وجوه أهل ميلة ، وهم من ربيعة وكان رئيسهم يومئذ حسن بن أحمد ، فوصل إلى الشيعي سراً وأطلعه على أمر المدينة ، فتقدم الشيعي إليها وقاتل من بها ، وغلب على جميع أرضها ، فدخل جميع من كان بها إلى الحصن ، ثم سألوا الأمان ، فأمنهم ما لم يحدثوا حدثاً . ففتحوا أبواب المدينة ودخلها أصحاب الشيعي ، وخرج إبراهيم بن موسى بن عياش مع جماعة منهم في الليل ، فهربوا إلى إفريقية ، إلى أبي العباس بن إبراهيم ، فأخبروه بالخبر ، وضعفوا عنده أمر الشيعي ، وسألوه في إخراج عسكر إليه ، وضمنوا أمره ، فأمر بالحشد ، وجمع وجه رجاله ، وأمر عليهم ابنه محمد المعروف بأبي حوال فاجتمع له عساكر عظيمة انتقى منها اثني عشر ألف فارس ، واتصل الخبر بالشيعي فاستعد للقاء .
ذكر الحرب بين أبي عبد الله الشيعي وبين أبي الحوال محمد بن أبي العباس
قال : وخرج أبو حوال بالعسكر الذي اختاره من مدينة تونس ، في سنة تسع وثمانين ومائتين ، وكل من مر عليه من القبائل ، بدأهم بالعطاء وخلق على وجوههم ، وقصد إلى سطيف ، فلم يصل إليها حتى زاد في عسكره مثله . وتلقاهم بنو عسلوجة أصحاب سطيف ، وبنو تميم أصحاب بلزمة ، ومن حولهم ممن لم يدخل في طاعة الشيعي ، فقتل من وجوههم قتلاً ذريعاً ، وانتهب أموالهم ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وقصد الشيعي بتازرارت ، واتصل به الخبر ، فبرز إليه بمن معه ، والتقوا ببلد بلزمة ،