كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
العباس ، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً حتى حجز بينهما الليل . فلما كان الغد وافاهم إلياس ابن منصور الإباضي في اثني عشر ألفاً من الإباضية ، فأجمع هو وعامل طرابلس على قتال العباس ، فاقتتلوا ، فقتل من أصحابه خلق كثير ، وانهزم أقبح هزيمة ، وكان أن يؤسر ، فخلصه مولى من مواليه ، ونهبوا سواده ، وأكثر ما حمله معه من مصر ، فعاد إلى برقة أقبح عود ، وشاع بمصر أن العباس قد أنهزم فاغتم أبو لذلك غماً شديداً ، وسير إليه العساكر ، فقاتلهم وقاتلوه ، فانهزم ، وكثر القتل في أصحابه ، وأخذ أسيراً ، وحمل إلى أبيه ، فحبسه في حجرة في الدار إلى أن قدم العسكر ببقية الأسرى من أصحابه ، فلما قدموا أحضرهم أحمد عنده ، والعباس معهم ، وأمره أن يقطع أيدي أعيانهم وأرجلهم ، ففعل ذلك . فلما فرغ منهم وبخه أبوه وذنبه ، وقال له : هكذا يكون الرئيس والمقدم . كان الأحسن أنك ألقيت نفسك بين يدي سألت الصفح عنك وعنهم ، فكان ذلك أعلى لمحلك . وكنت قضيت حقوقهم . ثم أمر به فضربه مائة مقرعة ، ودموع أحمد تجري على خده رقة على ولده ، ثم رده إلى الحجرة واعتقله ، وذلك في سنة ثمان وستين ومائتين .
؟
ذكر خلاف لؤلؤ على أحمد
كان سبب ذلك أن الحسين بن مهاجر غلب على أحمد بن طولون ، وحسن له جمع الأموال ومنعه من سماحته وجريه على عوائد الجميلة ، فنفرت القلوب عن أحمد ، وتغيرت الخواطر عليه ، فتنكر له غلامه لؤلؤ ، وكان عمدته عليه ، وكان في يده حلب وحمص وقنسرين وديار مضر . وكان أحمد إذا أنكر على لؤلؤ شيئاً أوقع بكاتبه محمد بن سليمان ، ويقول له ، هذا منك ليس منه فحمل محمد بن سليمان الخوف من أحمد على أن حسن لؤلؤ حمل جملة من المال إلى الموفق ، فحمل إليه ذلك ، وكتب إليه عن

الصفحة 6