كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 62 """"""
عند ظهور عبيد الله بن الحسن المنعوت بالمهدي ، وخلاصه من سجلماسة وقتله الحسن بن مدرار . ومنهم من يجعل ابتداءها عند وصول عبيد الله إلى رقادة في يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ولنبدأ بأخبار المهدي في رحلته إلى المغرب .
ذكر رحيل عبد الله من الشام ووصوله إلى سجلماسة
وكان سبب ذلك أن المعتضد بالله أبا العباس العباسي طلب عبيد الله هذا طلباً شديداً ، فخاف على نفسه إن هو أقام بالموضع الذي هو فيه من أرض الشام ، فخرج بنفسه وبولده أبي القاسم محمد ، وهو يومئذ غلام حدث وعبيد الله شاب ، وخرج معه خاصته ومواليه ، يريدون المغرب ، وذلك في خلافة المكتفي بالله العباسي ، وأمير إفريقية يومئذ زيادة الله بن أبي العباس بن إبراهيم بن أحمد .
فلما انتهى عبيد الله إلى مصر أراد أن يقصد اليمن ، وكان بها أبو القاسم الحسن بن حوشب الكوفي الداعي كما ذكرنا ، وقد استقام له الأمر وملك أكثر البلاد ، ثم بعث على بن الفضل فاستحل المحارم ودعا الناس إلى الإباحات ، فلما اتصل ذلك به كره دخول اليمن على هذه الحال ، وبلغه ما فعل الشيعي بالمغرب ، وما فتح على يديه فأقام في مصر مستتراً في زي التجار ، وعامل مصر يومئذ عيسى النوشري بعد انقراض الدولة الطولونية ، فأتته الكتب بصفته ، وأمر القبض عليه .
وكان بعض خاصة النوشري يتشيع ، قيل إنه ابن المدبر ، فبادر إلى عبيد الله فأخبره ، وأشار عليه بالمسير ؛ فخرج من مصر بمن صحبه ففرق النوشري الرسل وذكر لهم صفته ، ثم خرج بنفسه فأدركه وقد رحل من تروجة ، وهي على مرحلة من الإسكندرية ، فمشى النوشري في القافلة التي عبيد الله فيها ، وجعل ينظر إلى وجوه القوم ، حتى رأى عبيد الله على هيئته التي وصفت له ، فقبض عليه وعلى من كان معه ، وأطلق الرفقة وعاد به إلى بستان فنزل به ، وأنزل عبيد الله ومن معه بمفردهم ووكل بهم ، ثم خلا به وقال له أصدقني عن أمرك فأني ألطف في خلاصك ، فقد جاءت صفتك من قبل أمير المؤمنين وأمر بطلبك ، وذكر أنك تروم الخلافة ، فقال عبيد الله