كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 65 """"""
قال : ولما استقر عبيد الله بالفسطاط أمر بطلب أليسع بن مدرار حيث كان ، فخرجت الخيل في طلبه ، فأدركوه ومن معه من أهل بيته ، فأخذهم وأتوا بهم إلى عبيد الله ، فأمر بضرب أليسع بالسياط ، فضرب وطيف به بلاد سجلماسة ؛ ثم أمر بقتله وقتل كل من هرب معه من أهل بيته وغيرهم ، وأمن الناس بعد ذلك وسكنهم ، واستعمل عليهم عاملاً ، وأتته القبائل من كل ناحية فأكرمهم ، ووعدهم بكل جميل . وأقام بسجلماسة أربعين يوماً ، ثم سار يريد إفريقية . فلما حازى بلاد كتامة مال إليها ، ووصل إلى إيكجان ، وأمر بإحضار الأموال التي كانت مع الشيعي والشيوخ ، فأحضرها وشدها أحمالاً وقدم بها ، وكان وصوله إلى رقادة في يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين .
وفي هذا السنة زال ملك بني الأغلب وكان له بإفريقية مائة سنة واثنتا عشرة سنة ، وزال بزواله ملك بني مدرار وكان له بسجلماسة وما حولها مائة سنة وثلاثون سنة .
قال : ولما قارب عبيد الله القيروان تلقاه شيوخها ومشوا بين يديه ، فجزاهم خيراً ونزل عبيد الله بقصر من القصور برقادة ، وأنزل العساكر بدورها ودعي له بالخلافة في يوم الجمعة لتسع بقين من شهر ربيع الآخر من السنة برقادة والقيروان والقصر القديم وأنفذ رسله ودعاته وأتته وفود البلدان .
ثم قال عرض عليه الشيعي جواري زيادة الله فاصطفى منهن لنفسه وأعطى ولده ، وفرق أكثرهن على وجوه كتامة ؛ وقسم عليهم أعمال إفريقية ، واستعمل وجوههم على مدنها ، وأمرهم بالتجمل وحسن اللباس ، فلبسوا الثياب الفاخرة وركبوا بالسروج المحلاة ، ورتب الدواوين وأنعم على الناس ، فرفع إليه صاحب بيت المال ما أخرجه من الصلات في شهر رمضان ، فبلغ مائة ألف دينار واستكثره صاحب بيت المال فقال عبيد الله : لو بلغت ما أؤمله ما رضيت بمثل هذا المال لرجل واحد من أوليائي .