كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 68 """"""
ماشيت على أبي العباس . فقال أبو عبد الله لابن غزوية : يا بني لا تفعل . فقال : الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك . وقتلاهما فيما بين القصرين ؛ وذلك في يوم الاثنين ، النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين ؛ وأمر عبيد الله بدفنهما .
قال : وهذا اليوم هو اليوم الذي قتل فيه أبو زاكي بطرابلس .
قال : ولما قتل أبو عبد الله وأبو العباس ثار جماعة من بني الأغلب وأصروا على النفاق ، وكانوا بالقصر القديم ، فأخرجوا منه الكتاميين وقتلوا جماعة منهم ، فأحاط به من حوله من كتامة ، فقاتلهم بنو الأغلب ، وقتل من الطائفتين قتلى كثير ، فبلغ ذلك عبيد الله فرد كتامة وأنكر عليهم ، فتفرق بنو الأغلب وانصرفوا إلى دورهم ، فتركهم عبيد الله ثم قبض عليهم فقتلوا على باب رقاده ؛ ثم تتبع من بقي منهم فقتلهم . ولما استقامت الأمور لعبيد الله 35 عهد إلى ولده أبي القاسم ، وخرجت كتبه : من ولي عهد المسلمين محمد بن عبيد الله .
ذكر أخبار من خالفه على عبيد الله وما كان من أمرهم
قال : وبقيت بقية من المنافقين عليه ، فساروا إلى بلد كتامة ، فأقاموا غلاماً حدثاً من جبل أوراس من جهة أورسه وزعموا أنه المهدي ، ثم نحلوه النبوة ، وزعموا أن الوحي يأتيه ، وقالوا : أبو عبد الله حي لم يمت ؛ وأباحوا الزنا ، وأحلوا المحارم ، وزحفوا إلى ميلة فأخذوها . فبلغ ذلك عبيد الله فأخرج لهم ولي العهد في عسكر فحاصرها مدة ، ثم قاتلوه فهزمهم حتى انتهى بهم إلى البحر ، وقتل منهم خلقاً كثيراً ، وأخذ الغلام الذي نصبوه فأتى به إلى أبيه ، فأمر بقتله ، فقتل .
وخالف عليه أهل طرابلس ، فأخرج إليهم عسكراً مع أبي يوسف ، فحاصرها ، ثم انصرف عنها ولم يفتحها ، فخرج إليها بعد ذلك أبو القاسم ، وقد قدموا على أنفسهم ابن إسحاق القرشي ، وكان خروجه يوم الأحد لليلتين خلتا من جمادى الأولى سنة ثلاثمائة ، فحاصروها وضيق على من بها حتى أكلوا الجيف ، ففتحوا في آخر شهر رجب من السنة ، فعفا عنهم ، لكنه غرمهم جميع ما أنفق من مال وغيره ، وكانت جملته ثلاثمائة ألف