كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 69 """"""
وأربعين ألف دينار ، وحمل وجوه رجالهم معه إلى رقاده رهائن ، واستخلف عليها ، وانصرف .
ذكر بناء مدينة المهدية
وفي سنة ثلاثمائة خرج عبيد الله إلى تونس وقرطاجنة وغيرها ، يرتاد لنفسه موضعاً على ساحل البحر يبتني به مدينة ، فاختار موضع المهدية ، فأمر ببنائها وتحصينها بالسور وأبواب الحديد المحكم ، فجعل في كل مصراع من الحديد مائة قنطار . وكان ابتداء الشروع في بنائها في يوم السبت لخمس خلون من ذي العقدة من السنة . وانتقل إليها في سنة ثمان وثلاثمائة ، قال : ولما عزم على الانتقال إليها ثقل ذلك على جنده ، فقال : نحن لا ننتقل إليها ندعكم بمكانكم ، وعما قليل ستنتقلون . ففعلوا ذلك ، فما كان إلا أن أرسل الله عليهم أمطاراً غزيرة ، فهدمت مساكنهم ، فسألوه النقلة إليها فأذن لهم . وفي سنة ثلاث وثلاثمائة خرج ولي العهد أبو القاسم إلى الديار المصرية وكان خروجه من رقادة لست بقين من جمادى الآخرة منها ؛ وكان من أمره وأمر حباسة بن يوسف ووصولهما إلى الإسكندرية ما قدمناه في الحوادث فيما كان بين الدولتين الطولونية والدولة الإخشيدية .
ولما وصل حباسة إلى عبيد الله أمر بقتله على ما كان من انهزامه .
ثم خرج أبو القاسم بابنه إلى الديار المصرية ، وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذي العقدة ، سنة ست وثلاثمائة ، فخرج عنها عامل المقتدر ، وملكها أبو القاسم . ثم ملك الفيوم والأشمونين ، وغير ذلك وأقام نحو سنتين . ثم وقع الفناء في عسكره ، وماتت خيلهم ، وجاء مؤنس من بغداد واجتمعت عليه العساكر كما ذكرنا ، فعجز عن قتالهم ، فرجع إلى إفريقية . وكان وصوله إلى المهدية لعشر ليال مضين من شهر رمضان سنة تسع وثلاثمائة .