كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
لؤلؤ كتاباً يعرفه رغبته في المصير إليه ، والتصرف تحت أمره ونهيه ، والدخول في طاعته ، فسر الموفق لذلك واستبشر ، لما في نفسه من أحمد ، ورأى أن ذلك من الفرص التي يتعين انتهازها ، فأجابه بأحسن جواب وأنفذ إليه خلعاً .
وكانت مع لؤلؤ طائفة من خواص أحمد ، فلما أنكروا حاله ، واطلعوا على ما فعله ، فارقوه ، والتحقوا بأحمد ، وأطلعوه على ما كان من أمر لؤلؤ . فتألم لذلك ، وأخذ في إعمال الحيلة والمخادعة للؤلؤ والتطلف به ، ومكاتبة محمد بن سليمان ، فلم يفده ذلك عنده . فكتب أحمد إلى المعتمد على الله كتاباً يقول فيه : إني خائف على أمير المؤمنين من سوء يلحقه ، وقد اجتمع عندي مائة ألف عنان أنجاد ، وأنا أرى لسيدي أمير المؤمنين الانجذاب إلى مصر ، فإن أمره يرجع بعد الامتهان إلى نهاية العز ، ولا يتهيأ لأخيه الموفق شيء مما يخافه عليه . وجهز له قرين ذلك ، سفاتج ، بمائة ألف دينار ، وذلك في سنة ثمان وستين ومائتي ، وأظهر أحمد الخروج لهذا الأمر . فلما وصل كتابه إلى الخليفة ، تجهز لقصده مصر ، فكان من خروجه ، ورجوعه إلى بغداد ما ذكرناه في أخباره ، وأما محمد فإنه تجهز إلى الشام ، وأحذ معه ابنه العباس مقيداً واستخلف ابنه خمارويه على مصر ، فسار ، فوصل إلى دمشق وهو يظهر الانتصار للمعتمد ، ويقصد لؤلؤا غلامه ، فعند ذلك التحق لؤلؤ بالموفق ، وكان لحاقه به في سنة تسع وستين .
وانتهى إلى أحمد عود المعتمد ، وأنه ضيق عليه ، فأحضر أحمد قضاة أعماله وفيهم بكار بن قتيبة والعمري أبو حازم ، وغيرهم ، وخلع الموفق ، فكلهم وافقه على ذلك إلا بكار ، واسقط أحمد دعوة الموفق ، وقلع اسمه من الطرز . فلما بلغ الموفق ذلك أمر بلعن أحمد بن طولون في المنابر في سائر الأمصار . ثم رجع الموفق عن ذلك ، وأمر كاتبه صاعد بن مخلد وجماعة من خاصته ، بمكاتبة أحمد بن طولون وتوبيخه على ما فعله ، فكتبوا إليه واستمالوا ، فعلم أن ذلك عن رأي الموفق وإذنه لهم ، فأجابه بأحسن جواب ، فعرضوا كتبه على الموفق ، فسره ما تضمنته ، وعلم أن ابن طولون إنما

الصفحة 7