كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 75 """"""
بالخلافة ، وتلقب بالمعز لدين الله ، ولم يظهر على أبيه حزناً ، وكان عمره يوم ولي أربعا وعشرين سنة ، وأرسل إلى جميع من بالمهدية من عمومته وعمومة أبيه ، فأتوا وسلموا عليه بالإمارة ، فأخذ عليهم البيعة ، ومشوا بين يديه رجاله ، وأرضاهم بالمصلاة ، واستقام الأمر له ، وصلى بالناس عيد الأضحى ، ثم صرفهم إلى المهدية .
ودخل في طاعته من العصاة من عصى على غيره ممن كان بجبل أوراس من بني كملان ومليلة ، وهما من قبائل هوارة .
ثم بعث القائد جوهراً في يوم الخميس لسبع خلون من صفر ، سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ، في جيش عظيم إلى المغرب ، فسار حتى بلغ البحر المحيط ، فأمر أن يصاد من سمكه ، وجعله في قلة فيها الماء ، وحملها إلى المعز صحبة البريد ، وجعل في باطن كتابة ضريع البحر ، وعاد وفتح فاس يوم الخميس لعشر بقين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة ؛ واستخلف عليها وعلى سجلماسة وتاهرت وعاد جوهر من المغرب إلى رقادة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان .
وفي سنة خمسي وثلاثمائة ، في النصف من المحرم ، غلبت الروم على جزيرة إقطريش ، ففتحوا المدينة وقتلوا من أهلها مائتي ألف رجل وسبوا من النساء والصبيان مثل ذلك ، وحرقوا المصاحف والمساجد ، وكانوا قد أتوا في سبعمائة مركب .
وفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة بعث المعز لدين الله عماله من برقة إلى سجلماسة ، إلى جزيرة صقلية ، وأمرهم أن يكتبوا جميع الأطفال الذين ي أعمالهم من الخاصة والعامة ليختنوا مع أولاده ، فبلغوا عدة لا تحصى ، فلما كان أول يوم من شهر ربيع الأول من هذه السنة ابتدأ بطهور أولاده وأهل بيته وأولاد خاصته من الكتاب ورجال الدولة وغيرهم ، وأعطاهم الصلات والكساوي . قال : وازدحم الناس في يوم الاثنين لإحدى عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول فمات من الرجال مائة وخمسون نفساً .
وفي سنة خمس وثلاثمائة أمر المعز لدين الله بحفر الآبار في طريق مصر وأن