كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 79 """"""
وإذا قد وقع بهم مرة بعد أخرى ، فسفكت دماؤهم .
وأطال جوهر في كتابة ، وحضهم على الطاعة ؛ وأشهد عليه الشهود فيه ، وخلع على الجماعة ، وحملهم . قال : ولما توجه الشريف ومن معه إلى القائد جوهر ، اضطرب بعده البلد شديداً ، وأخذت الإخشيدية والكافورية في إخراج مضاربهم ، وأقام رجل من أهل بغداد يعرف بابن شعبان ، يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة فقال : أيها الناس قد أظلكم من أخرب فارس وسبى أهلها ، وذكر ما حل بأهل بلاد المغرب منه ، وقال : القوا الرجل القليل المعرفة ، يعني الوزير جعفر ابن حنزابة ، فإنه قد شرع في إتلاف بلدكم وسفك دمائكم بمراسلة هذا الرجل ، يعني القائد جوهراً ، فسمع الناس كلامه ، ورجعوا عما سألوه من الأمان . وبلغ الشريف ومن معه انتقاض الإخشيدية والكافورية ، وعزمهم على القتال ، فكتموه عن القائد جوهر خوفاً أن يعتقلهم ، وبادروا 40 بالعود وساروا . فبلغ القائد ذلك بعد رحيلهم ، فردهم ، وقال : قد بلغني إن القوم قد نقضوا ورجعوا ، فردوا على خطى فرفقوا به وداروه ، وقالوا : إذا يظفرك الله وينصرك ، فقال للقاضي : ما تقول فيمن أراد أن يشق مدينة مصر فيجعلها طريقاً لجهاد المشركين والحج إلى بيت الله الحرام ؟ فمنعوه ، من الجواز له أن يقابلهم ، فقال : نعم ، اكتب خطك بذلك .
ثم سار الشريف ومن معه إلى مصر فوصلها لسبع خلون من شعبان ، فركب الوزير والناس إليهم ، واجتمع الإخشيدية والكافورية وغيرهم ، فقرأ عليهم السجل الذي كتبه القائد ، وأوصل إلى كل واحد جواب كتابه بما أراد من الأمان والولاية والإقطاع . فلما قرؤوا الكتب خاطبوا الشريف بخطاب طويل ؛ فقال نحرير ما بيننا وبينه السيف فقدموا عليهم نحرير سويران ، وعبأوا عساكرهم ، وعدوا إلى الجيزة والجزيرة ، وحفظوا الجسور .
ووصل جوهر ، وابتدأ القتال بينهم في حادي عشر من شعبان . ثم مضى القائد جوهر بعد ذلك إلى منية الصيادين ، واخذ المخاضة بمنية شلقان واستأمن إليه جماعة من

الصفحة 79