كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
فعل ذلك لمغالاته في المناصحة هم . وكان الموفق كامل العقل ، فسكن ذلك منه ما كان في نفسه على أحمد ، ومال قلبه إليه ، وكتب الموفق إلى أخيه المعتمد يعلمه برجوعه عن أمر أحمد وندمه على ما كان منه في حقه ، وسأله أن يكتب إليه ، فسر المعتمد بذلك ، وكتب إلى أحمد كتاباً بخطه ، وأمره بالرجوع عما هو عليه من أمر الموفق ، وبعث إليه كتاب الموفق برجوعه عن لعنه ، وأنفذ الكتاب مع الحسن بن عطاف ، فلما بلغ الرقة بلغه وفاة أحمد بن طولون ، فرجع إلى الحضرة .
وأما لؤلؤ فإنه بلغه أن مولاه أحمد باع أولاده وخدمه بسوق الرقيق بمصر ، وقبض على أملاكه ، فبلغ منه ذلك كل مبلغ ، وتقدم إلى الموفق وبكى ، وسأله إنفاذ الجيوش معه ، وضمن له أخذ البلاد من مولاه ، وبسط لسانه في سيرته ، فخلع الموفق عليه ، وحمله على دابة ، ووعده وأمر بتجريد الجيوش معه ، كل ذلك وهو يسخر منه ويماطله ، إلى أن يعود جواب أحمد مع الحسن بن عطاف ، فقبض حينئذ على لؤلؤ ورده إلى مولاه ، واستقبح مع فعله لؤلؤ بحق سيده ، فلما اتفق وفاة أحمد ، أقام لؤلؤ في خدمة الموفق إلى سنة ثلاث وسبعين ، فقبض الموفق عليه ، وأخذ منه أربعمائة ألف دينار ، وكان لؤلؤ يقول ليس لي ذنب إلا كثرة مالي ، ولم تزل أمور لؤلؤ في إدبار إلى أن افتقر ، ولم يبق له شيء ، فعاد إلى مصر في آخر أيام هارون بن خمارويه بغلام واحد ، وهكذا تكون ثمرة الغدر وكفر الإحسان .
؟
ذكر وفاة أحمد بن طولون وشيء من أخباره وسيرته
كانت وفاته في نصف الليل من ليلة الأحد لعشر ليال خلون من ذي القعدة سنة سبعين مائتين قيل : وكان سبب وفاته أن نائبه في طرسوس وثب عليه يازمان الخادم وقبض

الصفحة 8