كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
فلما فرغ السلام انصرف الناس ، وابتدأ العسكر في الدخول منذ زوال الشمس ، فعبروا الجسر بالدروع والجواشن ، ودخل القائد جوهر إلى المدينة بعد العصر من يوم الثلاثاء لاثني عشرة ليلة بقيت من شعبان ، سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، والبنود الطبول بين يديه ، ونزل الموضع الذي اختط فيه القاهرة واختط القصر .
وأصبح المصريون حضروا إليه للهناء ، فوجدوه قد حفر أساس القصر في تلك الليلة . قال : ولم يكن في المكان عمارة ألبتة إلا بستان كافور . ولم يزل هذا البستان على حالته إلى سنة خمس وأربعين وستمائة فعمر مكانه مساكن وهو الخط الذي يعرف الآن بالكافوري . قال صاحب كتاب خطط مصر : لما دخل جوهر القائد واختط القاهرة وقرر كل جانب منها على أمير من أمراء عسكره وأرصده لبناء تلك الحارة حسبما أمره المعز لدين الله فسميت كل حارة باسم مقدمها أو الطائفة التي نزلت بها . وابتدأ بالعمارة في شهر رمضان من السنة .
قال المؤرخ : ودخل القائد جوهر مصر ، وبين يديه ألف ومائتا صندوق مالاً ، وأقام عسكره يدخل سبعة أيام . وبعث إلى مولاه المعز لدين الله يبشره بالفتح .
قال : ولما دخل القائد مصر كان الغلاء بها ، فنادى مناديه : من عنده قمح فليخرجه . وفرق الصدقات على الناس ، وأقر أبا الفضل على الوزارة ، وجهز جعفر بن فلاح إلى الشام .

الصفحة 81