كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 85 """"""
إلى يافا وتحصن بها ، فسار إليه وحاربه ، ثم سار يريد مصر ، فتأهب القائد جوهر لذلك ، وحفر خندقاً ، وبنى عليه باباً كبيراً ، وركب عليه الباب الحديد الذي كان على الميدان الإخشيدي ، وبنى عليه بابين آخرين ، وبنى القنطرة على الخليج ، وجعلها ممراً لمن يريد المقس ، وكاد القرمطي يأخذ القاهرة ، ثم رجع عنها بغير سبب علم ، وكبس الفرما ، ثم قاطع أهلها على مال فحملوه إليه ، واخذ عاملها عبد الله بن يوسف ، وقيل أنه كان معه خمسة عشر ألف بغل تحمل صناديق الأموال وأواني الذهب والفضة والسلاح ، سوى ما تحمل من المضارب والخيام والأثقال .
وفي سنة ستين وثلاثمائة أيضاً بنى جوهر سوراً على القصور التي بناها في سنة ثمان وخمسين وجعلها بلداً وسماها المنصورية ، ولما استقر المعز سماها القاهرة .
وفي سنة إحدى وستين وستمائة ، في المحرم ، كبس ياروق الفرما وأخرج منها ابن العمر القرمطي ، وأرسل إلى مصر رؤوساً وأعلاماً وغير ذلك ، وفي هذا الشهر عصى أهل تينس وغيروا الدعوة ، ودعوا للمطيع والقرامطة ، وحاربوا ياروق . وفي صفر وصل ياروق منهزماً من القرامطة حتى بلغوا عين شمس واستعد القائد جوهر للقائهم ، وأغلق الأبواب التي بناها .
وفي مستهل ربيع الأول جاءت مقدمة القرامطة ووقفوا على الخندق ، فقاتلهم القائد ، واشتد القتال ، وقتل من الفريقين قتلى كثيرة ، وأصبح الناس متكافئين للقتال ، وسار الأعصم القرمطي بجميع عساكره ، ووقع القتال على الخندق والباب مغلق ، وعمل القائد جوهر الحيلة فانهزم عن القرمطي ، ودام القتال إلى الزوال ، ثم فتح القائد الباب وانتصب للقتال ، وخرجت العبيد والمغاربة إلى القرامطة ، واشتد القتال واضطرب الناس في المدينة وكثرت القتلى من الفريقين . وانهزم الأعصم القرمطي ، وأراد المغاربة أتباعه

الصفحة 85