كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 88 """"""
ثم عبر المعز لدين الله إلى القاهرة يوم الثلاثاء لخمس خلون من شهر رمضان ، سنة اثنتين وستين وثلاثمائة ، ولم يدخل إلى مصر ودخل إلى قصره ، فلما انتهى إلى الإيوان الكبير خر ساجداً لله تعالى ، وجلس على سرير الجوهر الذي صنعه له جوهر ، وقبل الهناء ، ومدحه الشعراء .
قال : وكان تلقي القائد جوهر له عند جوازه من الجسر الثاني ، فكانت مدة تدبير جوهر للديار المصرية إلى أن قدم المعز ، أربع سنين وعشرين يوماً .
وحكى بعض المؤرخين أنه لما وصل المعز وخرج الأشراف للقائه ، قال له : أبو محمد عبد الله بن أحمد بن طباطبا الحسيني ، من بينهم يا مولانا ، إلى من تنتسب ؟ فقال المعز : سنقعد لكم ونجمعكم ونسرد عليكم نسبنا ، فلما استقر في قصره جمع الناس في مجلس عام وقال : هل بقي من جماعتكم أحد ؟ فقالوا : لم يبق منا معتبر فجرد عند ذلك سيفه إلى نصفه وقال هذا نسبي وفرق المال وقال : هذا حسبي فقالوا : سمعنا وطعنا . وكان الخليق بما قيل :
جلوا صارماً وتلوا باطلاً . . . وقالوا : صدقنا ؟ فقلنا : نعم
وقال ابن جلب في تاريخه : إن المعز لما قدم صعد المنبر وخطب خطبة بليغة ، فذكر نسبه إلى علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فكتب إليه بعض المصريين ورقة ولصقها بالمنبر فيها :
إنا سمعنا نسباً منكرا . . . يتلى على المنبر في الجامع
إن كنت فيما تدعي صادقاً . . . فاذكر أبا بعد الأب الرابع
أو فدع الأنسب مستورة . . . وادخل بنا في النسب الواسع
أو كنت فيما تدعي صادق . . . فانسب لنا نفسك كالطائع