كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
عليه ، وأظهر الخلاف على أحمد ، فجمع أحمد العساكر ، وسار إليه ، فلما وصل إلى أذنه كاتبه وراسله واستماله ، فلم يلتفت يازمان الخادم إلى رسالته ، فسار أحمد إليه وحصره ، فخرق يازمان نهر البلد على منزلة العسكر ، فكاد الناس يهلكون ، فرحل أحمد حنقاً ، وكان الزمان شتاء ، وكتب إلى يازمان ، إنني لم أرحل إلا خوفاً من تنحرق حرمة هذا الثغر ، ويطمع العدو فيه ، وعاد إلى إنطاكية ، فأكل من لبن الجواميس وأكثر منه ، فأصابته هيضة واتصلت به حتى صار منها ذرب . وكان الأطباء يعالجونه ، وهو يأكل سراً غير ما يصفونه ، فلم ينجع الدواء فيه فمات رحمه الله .
هكذا ذكر ابن الأثير الجرزي في تاريخه الكامل في سبب وفاته .
وأما صاحب الدول المنقطعة فإنه قال : أنه رجع إلى مصر واعتل بزلق المعدة ، واشتدت به العلة وطالت ، فعهد إلى ابنه أبي الجيش خمارويه ، وأطلق ابنه العباس من قيده ، وذلك في العقدة سنة سبعين ومائتين ، وخلع عليه وقلده جميع الأعمال الخارجة عن أعمال مصر من الشامات والثغور ، وأوصاه بتقوى الله وطاعة أخيه ، ثم توفي رحمه الله وسنه يومئذ خمسون سنة وشهر وثماني وعشرون يوماً ، ومدة إمرته على مصر ست عشر سنة وشهر واحد وسبعة وعشرون يوماً .
وأما سيرته ، فإنه ، رحمه الله ، كان عادلاً شجاعاً ، كريماً متواضعاً ، حسن السيرة ، يباشر الأمور بنفسه ويتفقد رعاياه ، ويحب أهل العلم ، ويدنى مجالسهم ، وكان كثير الصدقات . وهو الذي بنى قلعة يافا ، وكانت المدينة بلا قلعة .
أولاده ثلاثة وثلاثون . منهم : أبو الفضل عباس ، أبو الجيش خمارويه ، أبو العشائر مضر ، أبو الكرم ربيعة ، أبو المقانب شيبان ، أبو ناهض عياض ، أو معد عدنان ، أبو الكراديس خزرج ، أبو حبشون عدي ، أبو شجاع كندة ، أبو منصور أغلب ، أبو بهجة

الصفحة 9