كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 12 """"""
ثم قدم عليه أخوه الأفضل في تاسع جمادى الأولى ، وسارا إلى أفاميه ، وبها قراقوش - مملوك شمس الدين بن المقدم - فأغلق الأبواب دونهما ، وامتنع من تسليمها . فضرب الظاهر ابن المقدم تحت القلعة ضرباً موجعاً ، بحيث يراه مملوكه قراقوش ، فلم يكترث لذلك . وراسله ابن المقدم في تسليمها ، فامتنع كل الامتناع . فلما أيس الظاهر منه أرسل ابن المقدم إلى حلب ، وأمر باعتقاله بها .
وسارا بعد ذلك إلى بعلبك لقصد دمشق ، وسار إليهما ميمون القصري ومن معه والملك الظافر ، واجتمعوا بمكان يعرف بالزراعة . وتشاوروا على قصد دمشق ، وبها يومئذ الملك المعظم عيسى بن العادل وهو صغير ، والقيم بأمره فلك الدين سليمان بن شروة بن جلدك - وهو أخو العادل لأمه - ومن الأمراء الأكابر عز الدين أسامة . فساروا بأجمعهم إلى دمشق ، وحاصروها في رابع عشر ذي القعدة ، سنة سبع وتسعين ، واشتد الحصار . قال : ولما اتصل بالملك العادل خروج الظاهر من حلب ، خرج من القاهرة في شهر رمضان من السنة . وجد السير إلى أن نزل على نابلس ، وجعل يعمل الحيل والمكايد بين الظاهر والأفضل ، وإفساد قلوب الأمراء الذين مع الظاهر . وأرغب الملك الظاهر أنه إن فارق أخاه الأفضل يملكه قطعة من بلاد المشرق ، التي بيد العادل .
وكاتب الظاهر فخر الدين جهاركس ، وزين الدين قراجا ، وأرغبهما في الانضمام إليه . فوقع الاتفاق معهما - بعد مراجعة - أن الأفضل يسلم لزين الدين قراجا صرخد وعشرة آلاف دينار ، وللأمير فخر الدين جهاركس عشرين ألف دينار . واستقرت القاعدة على ذلك . فلما تسلما ذلك وصلا إلى الخدمة الظاهرية ، واجتمعا بالأفضل والظاهر .

الصفحة 12