كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
ثم شرعا يستوقفان الأمراء عن حصار دمشق . فاتصل ذلك بالملكين فهرب جهاركس وقراجا وصار إلى بانياس ، فراسلهما الظاهر وقبح فعلهما . فأعادا الجواب : إنا قد استشعرنا الخوف بسبب ما نسب الينا . ونحن على الطاعة ومتى فتحت دمشق كنا في خدمتكما . وجد الظاهر في حصار دمشق إلى أن نزل وقاتل بنفسه ، وجرح في رجله بسهم . ثم هرب الطنبا الهيجاوي من عسكر الظاهر وتلاه علاء الدين شقير ، ودخلا دمشق . ودخل معهما جماعة من المفاردة فانحل لذلك عزم الظاهر ، ورجع عن دمشق إلى بلاده وصحبه الملك الأفضل .
وقيل : بل كان سبب الرجوع عن دمشق أن الاتفاق كان قد حصل بين الأخوين : الأفضل والظاهر ، على أنه إذا فتحت دمشق كانت للأفضل . فإذا استقر بها ، سار هو والظاهر إلى مصر ، وقاتلا العادل ، فإذا حصلت مصر لهما تكون حينئذ للأفضل ، ودمشق للظاهر . فلما قوى الحصار على دمشق ولم يبق إلا فتحها ، حسد الظاهر أخاه الأفضل عليها ، وقال آخذها لنفسي . فلاطفه الأفضل وسأل أن ينعم بها عليه ، فامتنع ، وقال : إن فتحت تكون لي دونك . فلما أيس منه الأفضل ، خرج من ساعته واجتمع بالأمراء ، وقال : إن كنتم خرجتم إلى فقد أذنت لكم في الرجوع إلى العادل ، وإن كنتم خرجتم إلى أخي الظاهر فشأنكم وإياه . وكتب في الوقت إلى عمه الملك العادل ، وهو يطلب منه سميساط وسروج ورأس العين ، فأعطاه ذلك ، وحلف عليه . فلما اتصل ذلك

الصفحة 13