كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
ذكر خبر الزلزلة الحادثة بالديار المصرية والبلاد الشامية ، وغيرها
وفي هذه السنة في شعبان ، جاءت زلزلةٌ من الصعيد ، فعمت الدنيا في ساعة واحدة . وهدمت أماكن كثيرة بالديار المصرية ، ومات تحت الهدم خلقٌ كثير .
وامتدت إلى الشام والساحل ، فهدمت مدينة نابلس ، فلم يبق بها جدارٌ قائم إلا حارة السامرة ، ومات تحت الهدم ثلاثون ألفاً . وهدمت عكا وصور وجميع قلاع الساحل . وامتدت إلى دمشق ، فرمت بعض المنارة بالجامع ، وأكثر الكلاسة والبيمارستان النورى ، وعامة دور دمشق إلا القليل . وهرب الناس إلى الميادين . وسقط من الجامع ستة عشر شرفة ، وتشققت قبة النسر .
وتهدمت بانياس وهونين وتبنين . وخرج قوم من بعلبك يجمعون الريباس من جبل لبنان ، فالتقى عليهم الجبلان ، فماتوا بأسرهم . وتهدمت قلعة بعلبك - مع عظم حجارتها . وامتدت إلى حمص ، وحماه ، وحلب ، والعواصم .
وقطعت البحر إلى قبرص ، وانفرق البحر فصار أطواداً ، وقذف بالمراكب إلى الساحل ، فتكسرت . ثم امتدت إلى خلاط وأرمينية وأذربيجان والجزيرة .
وأحصى من هلك في هذه السنة ، بسبب هذه الزلزلة ، فكانوا ألف ألف إنسان ، ومائة ألف . وكانت قوة الزلزلة ، في مبدأ الأمر ، بمقدار ما يقرأ الإنسان سورة الكهف . ثم دامت بعد ذلك أياماً .
حكى ذلك أبو المظفر يوسف سبط بن الجوزي في تاريخه : مرآة الزمان . وقد ذكرت زلزلة أيضاً في شعبان ، سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وذكر مما حدث بسببها نحو هذا . فالله أعلم : هل هي هذه ، أو هما اثنتان ؟ .

الصفحة 16