كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 182 """"""
فشق ذلك على المسلمين . واستفتى المتدينون ، ممن يبيع السلاح ، الشيخ عز الدين : عبد العزيز بن عبد السلام ، في مبايعة الفرنج السلاح . فأفتاهم أنه يحرم عليهم بيعه للفرنج . وتوقف عن الدعاء للملك الصالح إسماعيل على منبر الجامع بدمشق ، وجدد دعاءً يدعو به على المنبر ، بعد الخطبة الثانية قبل نزوله ، وهو : اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً ، يعز فيه وليك ويذل فيه عدوك ، ويعمل فيه بطاعتك ، وينهي فيه عن معصيتك . والناس يصيحون بالتأمين ، والدعاء للمسلمين .
فكوتب الصالح إسماعيل بذلك ، فورد كتابه بعزله واعتقاله . واعتقل الشيخ أبو عمرو بن الحاجب أيضاً ، لموافقته الشيخ على الإنكار . ثم وصل الصالح بعد ذلك إلى دمشق ، فأفرج عنهما ، واشترط على الشيخ عز الدين أنه لا يفتى ، ويلزم بيته ، ولا يجتمع بأحد . فسأله الشيخ أن يفسح له في صلاة الجمعة ، والاجتماع بطبيب أو مزين ، إن دعت حاجته إليهما ، وفي دخول الحمام ، فأذن له في ذلك . ثم انتزح الشيخان : عز الدين وأبو عمرو ، عن دمشق إلى الديار المصرية - على ما نذكره ، إن شاء الله تعالى . وفيها كانت الوقعة بين عسكر حلب والخوارزمية . وكان الملك الجواد والملك المنصور - صاحب حمص - مع الخوارزمية . فقصدوا حلبا ، ونزلوا على باب بزاعة في خمسة آلاف فارس . وخرج إليهم عسكر حلب في ألف وخمسمائة ، فكسروهم ، وأسروا من أمرائهم ونهبوا من أثقالهم . فتوجه الخوارزمية حيلان وقطعوا الماء عن حلب ، وضايقوهم . ثم عادوا إلى منبج ، فنهبوها ، وقتلوا أهلها وفضحوا النساء ، ثم عادوا إلى حران . وكان الملك المنصور إبراهيم - صاحب حمص - قد نزل على شيزر ، فاستدعاه الحلبيون ، فجاء إلى حلب ، ونزل بظاهرها - ومعه عسكر حمص .

الصفحة 182