كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 185 """"""
الآخر سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة . واتصل بالقاضي المرتضى ابن القسطلاني ، ثم اتصل بقاضي القضاة : صدر الدين عبد الملك بن عيسى ابن درباس الهذباني ، فعدله واستكتبه ، في ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة . فلما عزل ابن الجاموس من خطابة الجامع بالقاهرة ، أمره القاضي صدر الدين أن يخطب ، فخطب وأجاد وأبلغ في الموعظة ، ونزل فصلى وجهر بالبسملة .
فلما فرغ من الصلاة ، وجلس بين يدي القاضي صدر الدين ، شكره وأثنى عليه - والمجلس غاصٌ بالفقهاء والصدور وأرباب المناصب - فقال بعض الأكابر : يا شرف الدين جهرت بالبسملة ، وخالفت مذهبك . فأنشد قول المتنبي في كافور :
فراقٌ ، ومن فارقت غير مذمم . . . وأمٌّ ، ومن يممّت خير ميمّم
فاستحسن ذلك القاضي والجماعة . وصار شافعياً من ذلك اليوم . واشتغل بمذهب الشافعي على القاضي : ضياء الدين أبي عمرو عثمان بن درباس ، مصنف الاستقصاء ، وعلى الفقيه : أبي إسحاق إبراهيم بن منصور العراقي واستنابه القاضي صدر الدين عنه في الحكم بمصر ، في يوم الاثنين والخميس ، في العشر الأوسط من ذي القعدة ، سنة أربع وثمانين وخمسمائة . فحضر إليه يستعفى من ذلك . وكان جمال الدولة : أبو طالب شراتكين - سلف القاضي صدر الدين - حاضراً ، هو من الأجناد - فأسر إليه ، وقال له : لا تستعفى ، فأنت ، والله ، بعد اثنتين وثلاثين سنة ، قاضي القضاة . فأرخها فلم تزد ولم تنقص .

الصفحة 185