كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 186 """"""
ووقع للقاضي زين الدين علي بن يوسف الدمشقي ، أيام ولايته . ثم عاد القاضي صدر الدين إلى الحكم ، فعاد إليه . وولي القاضي محيي الدين : أبو حامد محمد بن القاضي شرف الدين بن أبي عصرون ، فوقع له . ثم عاد صدر الدين ، فعاد إليه ، ولم يزل كاتبه إلى أن توفي . وكان كثير الركون إليه ، والاعتماد عليه . حتى إن شرف الدين مرض ، فسأل عنه القاضي صدر الدين ، فأخبر بشدة مرضه ، فقال : والله لئن قضى عليه بمحتوم ، لأعزلن نفسي ، لأنني لا أجد من اثق به سواه .
ولما ولي القاضي عماد الدين : عبد الرحمن بن عبد العلي السكري القضاء ، كتب له ، إلى أن عزل القاضي عماد الدين في شهر المحرم ، سنة ثلاث عشرة وستمائة ، فقسم السلطان الملك العادل القضاء شطرين : فولي القاضي شرف الدين هذا القاهرة والوجه البحري ، في الشهر المذكور - وقيل في يوم السبت ثاني صفر - وولي القاضي تاج الدين بن الخراط مصر والوجه القبلي ، كما تقدم . ثم أضاف السلطان الملك الكامل إليه قضاء مصر والوجه القبلي ، في العشر الآخر من شعبان - أو في شهر رمضان - سنة سبع عشرة وستمائة ، كما تقدم ذكر ذلك وكان السلطان الملك الكامل كثير التنويه بذكره ، والافتخار بولايته ، والابتهاج بما يراه من أحكامه ، وما يبلغه من سيرته ، وما يتحققه من حسن طويته ، وجميل سريرته ، وكان إذا نظر إليه يقول : والله لنتعبن بعد هذا ، إذا فقدناه ، ولا نجد بعده من يقوم مقامه وكان إذا كتب إلى السلطان ، يستأذنه في عزل نائب من نوابه بالأعمال ، أو في أمرٍ يقصد فعله ، يجيبه عن كتابه بخطه على ظهر كتابه ، أو بين سطوره . وكان يقترح ذلك على السلطان ، في بعض الأحيان . وكان الرسم في المكاتبات والأجوبة جارياً على غير ما هو عليه ، في عصرنا هذا .
وقد رأينا أن نثبت من مكاتبات قاضي القضاة إلى السلطان ، وأجوبته له ، في هذا الموضع ، ما يعلم منه كيف كان الرسم جاريا . فمن ذلك ما كتب به إلى السلطان الملك الكامل : اللهم إني أسألك حسن الفاتحة ، والخاتمة في عافية . المملوك يخدم المقام المولوي السلطاني المالكين الكاملي - بلغه الله تعالى كل مراد وأمل ، ووفقه لطاعة ربه في كل قولٍ وعمل - وينهى : أن النائب في الحكم بإطفيح قد كثر من القول فيه ما