كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 188 """"""
العلوم أنه ما خالف إلا بعد ما ورد ما ذكره . وكان ممن تقدم المملوك في الحكم من استناب الشافعية والحنفية والمالكية بمصر نفسها ، وبالأعمال . أنهى ذلك ، والرأي أعلى في التشريف بالجواب - إن شاء الله رب العالمين .
فأجابه على ظهر كتابه - بخطه - ما مثاله : اخترتك دون غيرك ، لبراءة ذمتنا وذمتك . افعل ما يخلصك عند الله ، من خيرٍ معنا تفعله ، ومع نفسك - إن شاء الله تعالى وختمه . وكتب على الختم القاضي شرف الدين قاضي القضاة .
وأضاف السلطان إليه الحكم في الينبع ، في بعض شهور سنة ست وعشرين وستمائة ، فاستناب فيه . ثم أضاف إليه الحكم بغزة والخليل الأردن وطبرية وبانياس ، في سنة إحدى وثلاثين ، فاستناب عنه فيها نوابا . ثم تقدم إليه أن يستنيب عنه خطيبا وحاكما بثغر دمياط ، في شعبان سنة أربع وثلاثين وستمائة ، فاستناب في ذلك .
وكتب إلى السلطان - قبل أن يستنيب - يستأذنه في النيابة ، ويستوضح عن أمر البلاد الشامية ، فأجابه : ورد كتاب الحضرة - أعاد الله علينا من بركاتها ، ونفعنا بمتقبل دعواتها ، وأسعد آراءها ، ووفق قصودها وأنحاءها ، ولا زالت تصرفاتها في الشريعة أبداً ميمونة ، وأحكامها بإصابة الحق مقرونة - وفضضنا ختمها ووقفنا عليها ، وأحاط علمنا بما اشتملت عليه ، وما أومأت الحضرة إليه وشكرنا اجتهادها المفوف البرود ، وتحرزها في الأمور الشرعية الجليلة العقود . وأتينا على ديانتها التي رقتها عندنا إلى المقام المحمود .
فأما إشارتها إلى أنها تستنيب في غزة وما معها ، عنا أو عن نفسها ، فنحن أضفنا ذلك إليها ، وهي تستنيب عن نفسها من يكون أهلاً لذلك . وأما استفهامها أن المواضع المذكورة : هل لها جامكيات مقررة أم لا ؟ نعم لها جامكيات مقررة ، والديوان شاهدٌ بها . وأما استيضاحها : هل لهذه المواضع أصلٌ ، حتى يقال : الموضع الفلاني وعمله ، فيولي فيه شخصاً واحداً ، أو كل موضع ، وإن قل ، مفتقرٌ إلى نائبٍ مفرد - فلتعلم الحضرة أن مرادنا أن نستنيب شخصين : أحدهما لغزة وطبرية والأردن وجبل الخليل ، والآخر لبانياس وعملها . ثم ذكر غير ذلك في جوابه ، وقال : وكتب لسبعٍ خلون من شوال سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، بمنزلةٍ تقابل البيرة بشاطئ الفرات ، من بر الشام المحروس - شفاهاً .
وكتب إلى السلطان أيضاً يستأذنه في صرف بعض النواب ، فأجابه :

الصفحة 188