كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 191 """"""
الأزهر ، وأمر الشهود بالانتقال إلى حرم الجامع . ثم شرك بينه وبين القاضي محيي الدين ، في النيابة بالقاهرة . وولي قضاء مصر الشيخ عز الدين بن عبد السلام .
ذكر وصول شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد السلام - إلى الديار المصرية ، وما اتفق له بعد خروجه من الشام إلى أن وصل ، وتفويض القضاء بمصر والخطابة بها - وغير ذلك - إليه ، وما فعله وعزله نفسه
كان وصوله إلى الديار المصرية في سنة تسع وثلاثين وستمائة .
وذلك أنه لما وقع له مع الملك الصالح إسماعيل بدمشق ما وقع ، وعزله وألزمه داره - كما تقدم - فارق دمشق ، وقصد البيت المقدس .
فوافاه الملك الناصر داود صاحب الكرك بالغور ، فأكرمه ونقله إلى الكرك . وقال له : تقيم عندي بهذا الحصن وأنا لا أخرج عن أمرك . فأقام عنده مدة يسيرة . ثم استأذنه في الخروج ، فسأله عن موجب خروجه وكراهة مقامه . فقيل إنه قال له : هذا بلدٌ صغير ، وأنا أحب الانتقال إلى بلدٍ أنشر به ما عندي من العلم .
فأذن له ، وتوجه الشيخ إلى القدس ، وأقام به . فجاء الملك الصالح إسماعيل بعساكره إلى القدس - وصحبته الفرنج - فأرسل إلى الشيخ بعض خواصه بمنديله ، وقال له : ادفع إليه منديلي وتلطف به واستنزله ، وعده بعوده إلى مناصبه . فإن أجاب ، فائتني به . وإن خاشنك فاعتقله في خيمةٍ إلى جانبي خيمتي .
فأتاه الرسول ولاطفه ، ثم قال له : بينك وبين أن تعود إلى مناصبك ، وتعود إلى ما كنت عليه وزيادة ، أن تقبل يد السلطان . فقال له : والله ما أراضه أن يقبل يدي ، فضلاً أن أقبل يده فقال : إنه قد رسم أن أعتقلك إذا لم توافق . فقال افعلوا ما بدالكم فاعتقله في خيمةٍ إلى جانب خيمة السلطان .
وكان يقرأ القرآن والسلطان يسمعه . فقال يوماً لملوك الفرنج : تسمعون هذا الذي

الصفحة 191