كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 194 """"""
وأثر هذا الإسقاط في الصاحب معين الدين أثراً مولما . وهو أنه حكى أن السلطان أرسل رسولاً إلى الديوان العزيز ببغداد ، وكان المشافه للرسول عن السلطان الصاحب معين الدين . فلما أبلغ الرسالة قال له الوزير : أيوب شافهك بهذه الرسالة ؟ قال : لا ، إنما شافهني بها عنه الصاحب معين الدين . فقال له الوزير : معين الدين أسقط الشيخ عز الدين عدالته ، فلا يرجع إلى مشافهته .
ولما عزل الشيخ نفسه ، أراده السلطان على العود إلى القضاء ، فامتنع من ذلك . ففوض السلطان الملك الصالح القضاء بعده ، بمصر والوجه القبلي ، إلى نائبه : القاضي صدر الدين أبي منصور موهوب ، بن عمر بن موهوب ، بن إبراهيم ، الجزري الشافعي - وذلك في سنة أربعين وستمائة . فأعاد بعض من أسقطهم الشيخ عز الدين إلى العدالة . ولم تطل ولايته ، فإنه استمر في القضاء نحو سنة . وعزل ، ولم يل القضاء بعدها .
وفي سنة تسع وثلاثين وستمائة - أيضاً - توجه السلطان الملك المنصور - صاحب حمص - وعسكر حلب ، إلى حران ، والتقوا مع الخوارزميه ، ومزقوهم كل ممزق ، فكسروا الخوارزمية .
واستهلت سنة أربعين وستمائة
:
في هذه السنة ، عزم السلطان الملك الصالح نجم الدين على التوجه إلى الشام ، فبلغه أن العساكر مختلفة ، والبلاد مختلة ، فأقام .
وفيها كانت وقعةٌ عظيمة بين عسكر حلب والخوارزمية . وكان الملك المظفر شهاب الدين غازي - صاحب ميافارقين - مع الخوارزمية ، وكانوا قد حلفوا له وحلف لهم . وأخربوا بلاد الموصل وماردين ، فاضطر صاحب ماردين إلى موافقتهم . وجمع غازي الخانات الخوارزميه ، وأشار عليهم بقصد بلاد الموصل فقالوا : لا بد من لقاء العسكر الحلبي ، فألجأته الضرورة إلى موافقتهم .
وركبوا في ثامن عشرين المحرم ، من جبل ماردين إلى الخابور ، وساقوا إلى

الصفحة 194