كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
الديار المصرية ، وعمه عماد الدين إسماعيل صاحب الشام ، وتوجه شرف الدين بن التيني والأصيل الإسعردي الخطيب ، إلى دمشق . فأطلق الملك الصالح إسماعيل الملك المغيث جلال الدين - ولد السلطان الملك الصالح نجم الدين - من الاعتقال . وركب وخطب لابن أخيه الملك الصالح أيوب بدمشق . ورضي الملك الصالح أيوب بإقرار دمشق بيد عمه الصالح إسماعيل ، بعد أن يسلم إليه ولده .
وحصل الاتفاق على ذلك ، ولم يبق إلا أن يتوجه الملك المغيث إلى أبيه . فصرف أمين الدولة السامري - وزير الملك الصالح إسماعيل - رأيه عن ذلك وقال : هذا خاتم سليمان ، لا تخرجه من يدك يعدم الملك . فتوقف ، ولم ينتظم الحال . وقطع خطبة ابن أخيه ، وأعاد الملك المغيث إلى الاعتقال بالبرج ، واستمر به إلى أن مات . وكان وفاته يوم الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر ، سنة اثنتين وأربعين وستمائة . وحمل إلى تربة جده الملك الكامل فدفن بها . وكان عاقلاً ، ما حفظت عنه كلمة فحش - رحمه الله تعالى .
ولما رجع الصالح إسماعيل عن الصلح ، كتب الملك الصالح أيوب إلى الخوارزميه في الحضور إلى الشام . فعبروا إلى الفرات وانقسموا قسمين : قسم جاءوا على البقاع البعلبكي ، وقسم على غوطة دمشق . ونهبوا وسبوا وقتلوا . وسد الصالح إسماعيل أبواب دمشق . وتوجه الخوارزميه إلى غزة . وكان من خبرهم ما نذكره - إن شاء الله تعالى .
وفيها عزل قاضي القضاة : صدر الدين موهوب الجزري عن القضاء بمصر والوجه القبلي ، وفوض السلطان الملك الصالح ذلك إلى القاضي : أفضل الدين أبي عبد الله ، محمد بن نامادر ، بن عبد الملك ، بن زنجلين ، الخونجي ، وكانت ولايته في يوم عيد النحر من هذه السنة . واستمر في القضاء إلى أن مات .
وفيها في يوم الجمعة بعد الصلاة ، ثاني العيد الأضحى ، أمر الملك الصالح إسماعيل بالقبض على أعوان القاضي رفيع الدين الجيلي - وكانوا ظلمة آذوا الناس .

الصفحة 196