كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 197 """"""
وكان كبيرهم الموفق حسين بن عمر بن عبد الجبار - المعروف بابن الواسطي . ثم قبض على القاضي الرفيع بعد أيام . وأمر بمصادرتهم فصودروا ، وعوقبوا وعذبوا بأنواع العذاب - وكانوا لذلك أهلا . ثم قتل الرفيع في سنة اثنتين وأربعين وستمائة ، ببعلبك : جهزه أمين الدولة السامري إليها ، فقتل هناك .
وكان القاضي الرفيع هذا قد صادر أهل دمشق ، وفعل ما لا يفعله ظلمة الولاة . وكتب إلى السلطان يقول : إنني قد حملت إلى خزانتك ألف ألف دينار ، من أموال الناس . فقال السامري : ولا ألف ألف درهم . وكان السامري قد تمكن من الملك الصالح تمكناً عظيماً ، لا يخالفه في شيء ألبته . فقال الملك الصالح : أنا أحاققه ، فإنه قد أكل الأموال ، وأقام علينا الشناعة ، والمصلحة تقتضي عزله ومؤاخذته ، ليعلم الناس أنك لم تأمره بأذاهم . فعزله عن القضاء . ثم تسبب في قتله . ولما عزل ، فوض القضاء بعده لقاضي القضاة محيي الدين يحيى ، بن قاضي القضاه محيي الدين محمد ، بن علي بن يحيى ، القرشي . وقريء تقليده بالجامع بدمشق ، في خامس عشرين ذي الحجة . وحكم بإسقاط عدالة أصحاب الرفيع ، وهم : المعز بن القطان ، والزين الحموي ، والجمال بن سيده ، والموفق الواسطي ، وسالم المقدسي ، وابنه محمد - لما فعلوه بالمسلمين من أنواع الأذى ، وقطع المصانعات .
واستهلت سنة اثنتين وستمائة ذكر الواقعة الكائنة بين عسكر مصر - ومن معه من الخوارزمية - وبين عسكر الشام - ومن شايعهم من الفرنج ، وانهزام الفرنج وعسكر الشام ، على غزة
قد ذكرنا وصول الخوارزمية إلى الشامِ ، ونزولهم على غزه .
ولما استقروا بها ، أرسل إليهم السلطان الملك الصالح النفقات والخلع والكساوى ، وطائفةً من العسكر المصري . فاتفق الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق ، والملك المنصور صاحب حمص ، والملك الناصر داود صاحب الكرك ، وراسلوا الفرنج . وكان الصالح إسماعيل قد سلم إليهم من الحصون ما تقدم ذكره .

الصفحة 197