كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 198 """"""
ووعدهم الآن أنه متى ملك الديار المصرية ، أعطاهم الأعمال الساحلية بأسرها . واستقر ذلك بينهم وبين الملوك الثلاثة المذكورين .
وخرج الملك المنصور - صاحب حمص - بعسكره وعساكر دمشق . وأقام الصالح بدمشق . وجهز الملك الناصر داود عسكره من نابلس - صحبة الظهير سنقر الحلبي والوزيري ، وأقام هو بالكرك . واجتمعت هذه العساكر ، وعساكر الفرنج : الديوية والإسبتار والكنود ، على يافا . والعسكر المصري والخوارزمية على غزه .
قال أبو المظفر : وساق صاحب حمص وعسكر دمشق ، تحت أغلام الفرنج - وعلى رؤوسهم الصلبان ، والأقساء في الأطلاب يصلبون على المسلمين ويقسسون عليهم ، وبأيديهم كؤوس الخمر والهنابات يسقونهم . وساق العسكر المصري والخوارزمية . والتقوا بمكانٍ يقال له أربيا - بين غزة وعسقلان .
وكان الفرنج في الميمنة ، وعسكر الناصر داود في الميسرة ، وصاحب حمص في القلب . وكان يوماً عظيماً ، لم يجر في الإسلام بالشام مثله ، واقتتلوا . فانكسرت الميسرة ، وهرب الوزيري ، وأسر الظهير سنقر الحلبي وجرح في عينه . ثم انهزم صاحب حمص . وكان العسكر المصري قد انهزم ، ووصل إلى قرب العريش . وثبت الخوارزمية والفرنج ، واقتتلوا ، فمالت الخوارزمية عليهم بالسيوف ، يقتلونهم كيف شاؤوا .
قال أبو المظفر : وكنت يوم ذاك بالقدس ، فتوجهت في اليوم الثاني من الكسرة إلى غزة ، فوجدت الناس يعدون القتلى بالقصب ، فقالوا : إنهم يزيدون على ثلاثين ألفا .