كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 199 """"""
وبعث الخوارزمية بالأسارى والرؤوس إلى الديار المصرية . وفي جملة الأسرى الظهير سنقر وجماعةٌ من المسلمين . وكان يوم وصولهم إلى القاهرة يوماً مشهودا . وعلقت رؤوس القتلى على الأسوار ، وامتلأت الحبوس بالأسرى . ووصل صاحب حمص إلى دمشق في نفر يسير ، ونهبت خزانته وخيله وسلاحه ، وقتل أكثر أصحابه . فكان يقول : والله لقد علمت ، حيث سقنا تحت أعلام الفرنج - أننا لا نفلح وفي هذه السنة ، توفي شيخ الشيوخ : تاج الدين أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه ، بن محمد بن محمد بن أبي نصر بن أحمد ، بن حمويه بن علي . وكانت وفاته بدمشق ، في سادس صفر . وصلى عليه بجامعها ، ودفن بمقابر الصوفية . ومولده يوم الأحد ، رابع عشر شوال ، سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة .
وهو عم الأمراء : فخر الدين ، وعماد الدين ، ومعين الدين ، وكمال الدين : أولاد صدر اليدين شيخ الشيوخ . وكان شيخاً حسناً متواضعاً ، عالماً فاضلاً ، نزهاً عفيفاً أديباً ، صحيح الإعتقاد ، شريف النفس علي الهمة ، قليل الطمع ، لا يلتفت إلى أحدٍ من أبناء الدنيا ، لا إلى أهله ولا إلى غيرهم ، بسبب دنياهم . وصنف التاريخ وغيره - رحمه الله تعالى .
وفيها توفي الأمير عمر : بن الملك المظفر شهاب الدين غازي ، بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب . وكان يلقب : بالملك السعيد . وكان شاباً حسن الأخلاق ، جميل الصورة ، جواداً شجاعاً .
وكان التتار قد استولوا على ديار بكر ، وأخذوا خلاط . فخرج الملك المظفر غازي من ميافارقين ، ليستنجد عليهم الخليفة والملوك . وخرج معه ولده عمر هذا ، وأمير حسن بن تاج الملوك أخي غازي . فوصلوا إلى الهرماس ، لوداع الملك المظفر : فقال المظفر لولده عمر : المصلحة تقتضي أن ترجع إلى ميافارقين ، وتحفظ المسلمين من التتار ، وأنا أتوجه إلى بغداد وإلى مصر أستنجد الملوك . فقال : والله لا أفارقك . وجاء حسن بن تاج الملوك وجلس إلى جنبه ، وأخرج