كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
فتوجهوا إلى الديار المصرية ، وأمروا بالمقام بها ، ولم يحجر عليهم ، وخلع على بعضهم . وأقاموا بالديار المصرية ، إلى أن توفي الملك الصالح أيوب ، فعادوا إلى دمشق . وكان سبب طلبهم أن السلطان بلغه أنهم خواص الملك الصالح إسماعيل .
وفيها في شهر ربيع ، فوضت الخطابة بدمشق للقاضي عماد الدين بن الحرستاني ، ورسم بإخراج العماد خطيب بيت الآبار ، الخطيب بالجامع ، إلى بيت الآبار .
ذكر القبض على الأمير عز الدين أيبك المعظمي ، ووفاته
وفي هذه السنة - في ثالث عشر ذي القعدة - اعتقل الأمير عز الدين أيبك المعظمى صاحب صرخد - كان - في دار فرخشاه . وذلك بترتيب الصاحب جمال الدين بن مطروح وغيره . ووضعوا مترجماً أنه جاءه من حلب ، من جهة الملك الصالح إسماعيل . وكتبوا بذلك إلى السلطان الملك الصالح . فأمر أن يحمل إلى القاهرة تحت الاحتياط . فحمل واعتقل في دار صواب . ورافعه ولده إبراهيم ، وقال للسلطان : إن أموال أبي قد بعث بها إلى الحلبيين وأنه لما خرج من صرخد كانت أمواله في ثمانين خرجا ، أودعها عند ابن الجوزي .
ولما وصل إلى الديار المصرية مرض ، ولم يسمع منه كلمة حتى مات . ودفن بمقابر باب النصر ، ثم نقل إلى دمشق ، ودفن بتربته . وكان خيراً ديناً ، كثير الصدقة والإحسان إلى خلق الله تعالى . اشتراه الملك المعظم ، في سنة سبع وستمائة ، لما كان على الطور ، وجعله أستاد داره ، وأعطاه صرخد . وكان عنده في منزلة الولد . رحمهم الله تعالى .
وطلب جماعةٌ اتهموا بأمواله ، بسعاية ولده إبراهيم ، وهم : البرهان كاتبه ، وابن الموصلي صاحب ديوانه ، والبدر الخادم ، وسرور ، وغيرهم ، وحملوا إلى الديار المصرية . فمات البرهان بظاهر دمشق ، عند مسجد النارنج ، لما ناله من الفزع . وأما بقيتهم فإنهم عوقبوا على أمواله ، فلم يظهر عندهم الدرهم الواحد .
وفيها كانت وفاة الشيخ الصالح المحقق على الحريري ، المقيم بقرية بشر ، المجاورة لزرع من بلاد حوران . وبهذه القرية قبر اليسع - عليه السلام . وهذا الشيخ هو شيخ طائفة الحريرية .

الصفحة 212