كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 214 """"""
الشوبك فههنا أولى ، ولا أتوجه أبداً . فعذله محسن الخادم ، فرماه بدواةٍ كانت عنده .
فعاد إلى السلطان وأخبره . فقال له : دبر أمره . فأخذ ثلاثة مماليك - وقيل أربعة - ودخلوا عليه ، في ليلة الأثنين ثاني عشر شوال ، فخنقوه بشاش علمه - وقيل بوتر - وعلقوه بعمامته ، وأظهروا أنه شنق نفسه . وخرجت جنازته كجنازة الغرباء ، ودفن بتربة شمس الدولة . ولم يتمتع الملك الصالح بعده بالدنيا ، فإنه مات بعد ذلك بعشرة أشهر .
وفيها ، في خامس شهر رمضان ، كانت وفاة قاضي القضاة : أفضل الدين أبو عبد الله محمد بن ناماد بن عبد الملك ، ابن زنجلين ، الخونجي - قاضي مصر والوجه القبلي . ودفن بالقرافة ، بالقرب من تربة الإمام الشافعي . ومولده في جمادى الأولى ، سنة تسعين وخمسمائة . وكان قد تفرد في زمانه بعلم المنطق ، حكيماً أصولياً ، فاضلاً ، مشاركاً فيما عدا ذلك ولما مات - رحمه الله تعالى - أقر نائبه - القاضي جمال الدين يحيى - على القضاء ، إلى جمادى الأولى سنة سبع وأربعين ثم فوض القضاء بمصر والوجه القبلي للقاضي عماد الدين أبي القاسم إبراهيم ، بن هبة الله بن إسماعيل ابن نبهان ، بن محمد الحموي المعروف بابن المقنشع - في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين .
وفيها كانت وفاة الشيخ الإمام العلامة : جمال الدين أبو عمرو عثمان ، ابن عمر بن أبي بكر بن يونس ، الدويني ثم المصري ، الفقيه المالكي - المعروف بابن الحاجب .
كان والده حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي - متولي الأعمال القوصية - ومولده بإسنا - مدينة مشهورة من عمل قوص - في سنة سبعين وخمسمائة . وانتقل إلى القاهرة في صغره ، فقرأ القرآن ، واشتغل بالعلم على مذهب الإمام مالك ، فتفقه . واشتغل بالعربية ، فبرع وأكب على الاشتغال حتى صار يشار إليه . وانتقل إلى دمشق ، ودرس بجامعها . وكان من أحد الناس ذهنا . وغلب عليه علم العربية . وقيل أنه قدم إلى دمشق مراراً ، آخرها سنة سبع عشرة وستمائة . وصحب شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام ، واختص به ولازمه .