كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 215 """"""
وخرج معه من دمشق ، في سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، وقدم إلى الديار المصرية . وأقام بالقاهرة واشتغل الناس عليه . وله مصنفٌ في مذهب الإمام مالك - هو من أجود مختصرات المالكية ، ما حفظه طالب منهم إلا وأشير إليه بالفقه . ثم انتقل إلى ثغر الإسكندرية للإقامة به ، فلم تطل مدة إقامته بالثغر . وكانت وفاته في ضحى يوم الخميس ، سادس عشر شوال ، ودفن بخارج باب البحر - رحمه الله تعالى .
وفيها ، في شهر رمضان ، توفي الوزير : أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم ، بن عبد الواحد بن موسى بن أحمد بن محمد إسحاق ، القفطي - المعروف بالقاضي الأكرم ، وزير حلب .
كان جم الفضائل ذا فنون ، مشاركاً لأرباب كل علم في علومهم : من القراءات ، والحديث والفقه ، والنحو واللغة ، والأصول والمنطق ، والنجوم والهندسة ، والتاريخ ، والجرح والتعديل - يتكلم في كل علم مع أربابه أحسن كلام . وله شعر حسن .
وصنف كتباً كثيرة ، منها : كتاب الضاد والظاء ، وهو ما اشتبه في اللفظ واختلف في الخط ، وكتاب الدر الثمين في أخبار المتيمين . وكتاب من ألوت الأيام عليه فرفعته ، ثم ألوت عليه فوضعته . وكتاب أخبار المصنفين ، وما صنفوه . وكتاب أخبار النحويين . وكتاب تاريخ مصر ، من ابتدائها إلى حين ملكها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - في ست مجلدات . وكتاب تاريخ الألموت ، ومن تولاها . وكتاب تاريخ اليمن ، منذ اختطت إلى زمانه . وكتاب الحلي والشيآت . وكتاب الإصلاح لما وقع من الخلل في كتاب الصحاح . وكتاب الكلام على الموطأ وكتاب الكلام على صحيح البخاري . وكتاب تاريخ محمود بن سبكتكين وبنيه ، إلى حين انقراض دولتهم ، وكتاب تاريخ السلجقية ، من ابتداء أمرهم إلى انتهائه . وكتاب الإيناس في أخبار آل مرداس . وكتاب الرد على النصارى . وغير ذلك .
وكان - رحمه الله - سخي الكف ، طلق الوجه . وكان محبا للكتب ، جماعاً لها ، جمع منها ما لم يجمعه أحدٌ من أمثاله . واشتهر بالرغبة فيها ، والمغالاة في أثمانها ، فقصده الناس بها من الآفاق . فاجتمع له منها ألوف كثيرة ، بالخطوط المنسوبة ، وخطوط المشايخ والمصنفين . ولم يقع له كتابٌ مليح فرده ، بل يبالغ في إرضاء صاحبه بالثمن .