كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 216 """"""
فإذا ملكه استوعب قراءته ، ثم جعله في خزائنه ، ثم يشح في إخراجه ، فلا يكاد يظهر عليه أحدا ، صيانةً له وضناً به .
قال الحافظ محب الدين بن النجار : كنا عنده ليلة ، في شهر رمضان ، فجرى بحثٌ أفضى إلى اعتبار كلمة وكشفها من كتاب الصحاح . فقال لبعض مماليكه : إذهب إلى المؤيد - يعني أخاه - وأحضر من عنده نسخة من الصحاح . قال : فقلت له : والمولي ما عنده نسخةٌ من الصحاح ؟ فقال : وحياتك - يا محب - عندي خمس نسخ ، وما يطيب على قلبي أن أخرج منها نسخة - لا سيما بالليل ، ونحتاج إلى إدخال الضوء . وله في شغفه بالكتب حكايات كثيرة ، أضربنا عن ذكرها . وأوصى بكتبه بعد وفاته للملك الناصر : صلاح الدين يوسف ، بن الملك العزيز ، صاحب حلب . وكانت تساوي خمسين ألف دينار . ودفن بحلب - رحمه الله تعالى .
وفيها توفي عماد الدين ، بن سديد الدين ، محمد بن سليم بن حنا - وهو أخو الصاحب بهاء الدين .
واستهلت سنة سبع وأربعين وستمائة
: والسلطان الملك الصالح نجم الدين بدمشق ، وهو مريضٌ . فعاد إلى الديار المصرية في محفة ، لشدة ما ناله من المرض . وكان خروجه من دمشق في يوم الإثنين ، رابع المحرم ، ونادى في الناس : من كان له علينا أو عندنا شيء ، فليحضر لقبضه . فطلع الناس إلى القلعة ، وأخذوا ما كان لهم .
وفي هذه السنة ؛ رسم السلطان لنائبه بدمشق - الأمير جمال الدين بن يغمور - بهدم دار أسامة ، وقطع أشجار بستان القصر بالقابون ، وهدم القصر . فتوقف عن ذلك مدة ، ثم ترادفت عليه الكتب بذلك ، ففعل .
ذكر استيلاء الفرنج على ثغر دمياط
وفي سنة سبعٍ وأربعين وستمائة ، وصل ريد افرنس بعساكره وجموعه إلى ثغر دمياط .