كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 217 """"""
وخرج السلطان الملك الصالح بعساكره إلى المنصورة ، ونزل بها . وجرد إلى ثغر دمياط جماعةً من الأمراء ، فالتقوا مع ريدا فرنس ، واقتتلوا قتالاً شديداً فقتل الأمير شهاب الدين بن شيخ الإسلام ، والأمير صارم الدين أزبك الوزيري .
وخرج أمراء الكنانية من دمياط وأخلوها ، فاستولى عليها ريدا فرنس في يوم الأحد ، لسبع بقين من صفر ، من السنة . فشنق السلطان أمراء الكنانية - وكانوا نيفاً وخمسين أميراً - بعد أن استفتى في شنقهم - لخروجهم عن الثغر بغير أمره . وكان قد جعل عندهم من الميرة ما يكفيهم زمناً طويلاً .
ذكر استيلاء السلطان على قلعة الكرك وبلادها
وفي هذه السنة ، ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب قلعة الكرك ، وبلادها .
وسبب ذلك أن صاحبها الملك الناصر داود بن الملك المعظم شرف الدين عيسى - توجه منها إلى بغداد ، واستخلف أولاده بها . فكاتبوا السلطان ، واتفقوا معه على تسليمها . واشترطوا عليه شروطاً ، وتولى ذلك من أولاده : الملك الأمجد أبو علي الحسن .
فأجاب السلطان إلى ما التمسوه ، وتسلم القلعة ، ووفي لهم بما اشترطوه - وذلك في جمادى الآخرة . وأخرج عيال الملك المعظم وأولاده وبناته ، وأم الملك الناصر ، وجميع من كان بالحصن . وبعث الملك الصالح إلى الحصن ألف ألف دينار - عيناً - وجواهر وذخائر وأسلحة ، وغير ذلك .
ولما عاد الملك الناصر من بغداد ، ووجد الأمر على ذلك ، توجه إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف ، صاحب حلب ، وأقام عنده ، إلى أن ملك دمشق . وحضر في خدمته إليها . ثم بلغه عنه أسباب ردية ، فأخرجه إلى البويضا بظاهر مدينة دمشق . فمات بها حتف أنفه .
وكانت وفاته في سنة خمس وخمسين وخمسمائة . ونقل من البويضا ، وصلى عليه عند باب النصر ، ودفن عند أبيه بالتربة المعظمية ، بقاسيون - رحمه الله تعالى .