كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 218 """"""
ذكر وفاة الملك السلطان الصالح نجم الدين أيوب
كانت وفاته - رحمه الله تعالى - بمنزلة المنصورة ، في ليلة الإثنين النصف من شعبان ، سنة سبع وأربعين وستمائة . ومولده بالقاهرة المعزية في سنة ثلاث وستمائة .
ولما مات ، كتم أمر وفاته ، ودفن بالمنصورة . ثم نقل - في سنة ثمان وأربعين وستمائة - إلى تربته ، التي بنيت بعد وفاته ، بجوار مدرسته بالقاهرة المحروسة ، بين القصرين . فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية عشر سنين ، إلا خمسين يوماً .
وكان ملكاً مهيباً ، شجاعاً حازماً ، ذا سطوة . وكانت البلاد في أيامه آمنة ، والطرق سابلة . وكان عفيف الذيل . غير أنه كان عظيم الكبر ، غليظ الحجاب . وكان محباً لجمع المال . ويقال إنه عاقب امرأة أبيه - أم أخيه الملك العادل - وأخذ منها الأموال والجواهر . وقتل أخاه وجماعة من الأمراء . ومات في حبسه ما يزيد على خمسة آلاف .
ولما مات ، كانت سريته - والدة خليل - في صحبته بالمنصورة . فكتم أمر وفاته إلا عن خواص الأمراء . وكان السماط يمد على العادة . والأمراء ، ومن جرت عادته بحضور السماط ، يدخلون ويأكلون وينصرفون . ويظنون أن السلطان إنما احتجابه بسبب مرضه . وكانت والدة خليل تكتب خطاً يشبه خط السلطان ، فتخرج العلائم بخطها .
واتفق الأمراء على إحضار ولده : الملك المعظم غياث الدين تورانشاه من حصن كيفا . وكان السلطان الملك الصالح قد كتب كتاباً بخطه ، يشتمل على وصيته لولده الملك المعظم ، نذكر - إن شاء الله تعالى - مضمونه في أخبار الملك المعظم . فتوجه لإحضاره الأمير فارس الدين أقطاي الصالحي - مملوك والده . وقام بتدبير الدولة - فيما بين وفاة السلطان الملك الصالح ووصول الملك المعظم - الأمير فخر الدين : يوسف بن الشيخ ، إلى أن قتل .
ذكر خبر الأمير فخر الدين أبي الفضل يوسف ابن الشيخ ، وقتله
لما مات السلطان الملك الصالح ، قام بتدبير الأمر بعده - إلى أن يصل ولده

الصفحة 218