كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 225 """"""
فيها ، وتحققت الخطأ من الصواب ، وندمت وقت لا ينفع الندم . فاجتنب يا ولدي ما حذرتك منه . فقد أخبرك مجرب صادق ، مشفق عليك وانظر يا ولدي في ديوان الجيش . فهم الذين أفسدوا البلاد وأخربوها - وهم النصارى - أضعفوا العساكر ، وكأن البلاد ملكهم يبيعوها بيع . إذا كتب منشور لأميرٍ يأخذوا منه المائتين وأكثر ، ومن الجندي من المائة ونازل . ويكون الجندي خبزه ألف دينار يفرقوا خبزه في خمس ست مواضع : في قوص وفي الشرقية وفي الغربية ، فيريد الجندي أربع وكلاء ، يروح الخبز لوكلا . ومتى يحصل للجندي من خبزه شيء ، إذا كان مثلاً في بيكار ويقاسي العليقة بثلاثة نقرة ، كيف يكون حاله ظ يخرب بيته ويهلك فهذا سبب هلاك الجندي . والنصارى يقصدوا هذا ، لخراب البلاد وضعف الأجناد ، حتى تروح منا البلاد . وجندي يحصل له وجندي ما يحصل له شيء أصلا .
ترد عبرة البلاد إلى ما كانت عليه في زمن صلاح الدين - رحمه الله . والجندي لا يكون خبزه مفرق ، بل في موضع أو موضعين قريبين . فتعمر البلاد ويقوى الجندي ويقوى الفلاح . فإذا كانوا جماعة في بلد ، وكل أحد يخرب من ناحية ويجور المقطعين على الفلاحين ، تخرب البلاد . وهذا كله فعل النصارى .
وبلغني أنهم بعثوا إلى ملوك الفرنج في الساحل في الجزائر ، وقالوا لهم . أنتم ما تجاهدوا المسلمين ، بل نحن نجاهدهم الليل والنهار ، بأخذ أموالهم ونستحل نساهم ، ونخرب بلادهم ونضعف أجنادهم . تعالوا خذوا البلاد ، ما تركنا لكم عاقة . فالعدو معك في دولتك - وهم النصارى . ولا تركن لمن أسلم منهم ولا تعتقد عليه ، فما يسلم أحد منهم إلا لعلة ، ودينه في قلبه باطنٌ كالنار في الحطب يا ولدي ، أكثر الأجناد اليوم عامة ، وباعة وقزازين : كل من لبس قباءً وركب فرس ، وجاء إلى أميرٍ من هؤلاء الترك ، وقدم له فرس ، ويبرطل نقيبه وأستاذ داره على

الصفحة 225