كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 231 """"""
يبشر الإسلام كافة - بما من الله به على المسلمين ، من الظفر بعدو الدين . فإنه كان قد استفحل أمره ، واستحكم شره ، ويئس العباد من البلاد والأهل والأولاد . فنودوا : لا تيأسوا من روح الله .
ولما كان في يوم الأربعاء - مستهل السنة المباركة - تمم الله على الإسلام بركاتها - فتحنا الخزائن ، وبذلنا الأموال ، وفرقنا السلاح ، وجمعنا العربان والمطوعة ، واجتمع خلقٌ لا يحصيهم إلا الله تعالى ، وجاؤوا من كل فجٍ عميق ، ومن كل مكان بعيدٍ سحيق . ولما رأى العدو ذلك أرسل يطلب الصلح ، على ما وقع الاتفاق بينهم وبين الملك الكامل ، فأبينا . ولما كان الليل ، تركوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم ، وقصدوا دمياط هاربين ، ونحن في آثارهم طالبين . وما زال السيف يعمل في أدبارهم ، عامة الليل . وحل بهم الحرب والويل .
فلما أصبحنا نهار الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفاً ، غير من ألقى نفسه في اللجج . وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حجر . والتجأ الإفرنسيس إلى المنية ، وطلب الأمان فأمناه ، وأخذناه وأكرمناه . وتسلمنا دمياط بعون الله تعالى ، وقوته وجلاله وعظمته . وذكر كلاماً طويلاً .
وبعث مع الكتاب غفارة ريدا فرنس إلى الأمير جمال الدين ، فلبسها . وهي

الصفحة 231