كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 233 """"""
ذكر مقتل السلطان الملك المعظم
كان مقتله - رحمه الله تعالى - في يوم الثلاثاء ، السابع والعشرين من المحرم ، سنة ثمان وأربعين وستمائة وسبب ذلك أنه لما ملك شرع يبعد مماليك والده وغلمانه وترابيه ، ويقرب غلمانه الذين وصلوا معه من بلاد الشرق وجعل خادمه الطواشي مسرور أستاد داره ، والطواشي صبيح أمير جاندار - وكان عبداً حبشيا فحلاً - وأمر أن يصاغ عصاة من ذهب ، وأنعم عليه بالأموال والإقطاعات . وتوعد جماعةً من مماليك والده ، وأهانهم . وكان يسميهم بأسمائهم ، من غير أن ينعت أحداً منهم .
وكان قد وعد فارس الدين أقطاي بالإمرة ، فلم يف له . فاستوحش منه . وكانت والدة خليل - سرية أبيه - قد توجهت إلى القلعة لما وصل إلى الشام ، فأرسل إليها يتهددها ، ويطلب منها الأموال والجواهر . فيقال إنها خافته ، وكتبت إلى المماليك الصالحية بسببه .
فاجتمع منهم جماعةٌ ، واتفقوا على قتله . فلما كان يوم الإثنين - سادس أو سابع عشرين المحرم ، جلس السلطان على السماط ، واجتمع الأمراء على العادة . فلما تفرقوا ، تقدم أحد مماليك والده ، وضربه بالسيف . فالتقى الضربة بيده ، فانهزم الضارب فقام السلطان ، ودخل إلى برجٍ خشب كان في خيمته ، وقال : من ضربني ؟ قالوا : الحشيشية . فقال : لا والله ، إلا البحرية والله لا أبقيت منهم بقية وقد عرفت الضارب واستدعى الجرائحي ليخيط يده .
فاجتمع الجماعة الذين اتفقوا على قتله ، وهجموا عليه ، وبأيديهم السيوف مجذوبة . فهرب إلى أعلى البرج ، وأغلق بابه . فحرقوه بالنار ، فنزل من البرج ،

الصفحة 233