كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 234 """"""
وهرب إلى البحر . فأدركوه ، وضربوه بالسيوف فرمى نفسه في البحر ، وهو يستغيث بهم ، وتعلق بذيل أقطاي ، واستجار به ، فما أجاره . وهو يقول : دعوني أعود إلى الحصن ، فوالله ما أريد الملك . وهم لا يلتفتون إلى قوله . وقتلوه في الماء ، فمات قتيلاً حريقا غريقا وكانت مدة سلطنته واحداً وسبعين يوماً . وانهزم أصحابه الذين وصلوا صحبته من الشرق ، واختفوا .
وكان الذين باشروا قتل الملك المعظم ، من مماليك أبيه ، أربعة حكى عن سعد الدين مسعود ، بن تاج الدين شيخ الشيوخ ، أنه قال : أخبرني صادقٌ أن السلطان الملك الصالح ، لما أمر الطواشي محسن الخادم بقتل أخيه الملك العادل - أمره أن يأخذ معه من المماليك من يخنقه ، فعرض محسنٌ ذلك على جميع المماليك ، فامتنعوا بأسرهم ، إلا هؤلاء الأربعة ، فإنهم أجابوه وتوجهوا معه ، وخنقوا الملك العادل . فسلطهم الله تعالى على ولده الملك المعظم هذا ، فقتلوه .
قال أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي : وحكى لي العماد بن درباس ، قال : رأى جماعةٌ من أصحابنا الملك الصالح نجم الدين في المنام ، وهو يقول :
قتلوه شرّ قتله . . . صار للعالم مثله
لم يراعوا فيه إلاًّ . . . لا ، ولا من كان قبله
ستراهم عن قليلٍ . . . لأقلّ الناس أكله
والملك المعظم هذا هو آخر ملوك الدولة الأيوبية ، بالديار المصرية ، المستقلين بالملك . وملكت بعده شجر الدر .
ذكر ملك شجرة الدر والدة خليل سرية الملك الصالح نجم الدين أيوب
قال : ولما قتل الملك المعظم ، اتفق الأمراء الصالحية والبحرية على إقامة شجر

الصفحة 234