كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 261 """"""
أيام . واللمسن - وهو شقيق أرسلان .
ولما مات الملك الموحد ، ملك حصن كيفا بعده ولده : الملك الكامل سيف الدين أبو بكر شادي - بتقرير التتار . فاستمر إلى شهر رجب ، سنة تسع وتسعين وستمائة . ثم قتله قازان ، ملك التتار . وسبب ذلك أن بعض إخوته شكوه له ، وذكروا أنه قتل بعضهم .
وملك بعده الملك العادل سيف الدين أبو بكر الأصغر ، ملكه قازان ، رعاية لحق أخواله . فملك أربعة أشهر ، وقتل بمنزلة الميدان - بقرب إربل - قتله الأكراد ، هو وأخوه أرسلان - وكان نازلين بتلك المنزلة مع جماعة من التتار ، كبسهم الأكراد الشهرية بها .
وملك بعده أخوه الملك المعظم ، حسام الدين خليل - أربعة أشهر - فعسف وظلم فنازعه في المملكة ابن أخيه الملك الصالح صلاح الدين يوسف ، بن الملك الكامل سيف الدين أبي بكر ، بن الملك الموحد ، وشكاه إلى التتار ، فسلم إليه عمه الملك المعظم ، فخنقه .
واستقر الملك الصالح هذا في المملكة بحصن كيفا ، خمس سنين . ثم نازعه عمه حسن ، وتوجه إلى التتار فملكوه الحصن . ولقب الملك الظاهر بدر الدين حسن ، وأرسلوا معه عسكرا ، فهرب ابن أخيه أمامه . وأقام بالحصن سنة .
ولحق الملك الصالح بالشيخ الشرف ، بن الشيخ عدي الهكاري ، بجبل هكار ، وأقام سنة . ثم جمع جمعاً كثيراً من الأكراد ، وعاد إلى الحصن ، عند خلو البلاد من التتار ، وحاصر عمه الملك الظاهر حسن ، مدة أربعة أشهر . فوافقه أهل القلعة وسلموه إليه ، فقتله ، وعاد إلى مملكته . وأرسل إلى التتار وأرضاهم ، فأقروه . فهو إلى وقتنا هذا .
أخبرني بذلك المولى الأمير علاء الدين علي ، بن الملك الموحد - وهو على الأصغر ، المقدم الذكر - وهو يوم ذاك بالقاهرة المعزية . وكان قد فارق الحصن ، لما حصل من ابن أخيه هذا : من قتل إخوته أولاد الملك الموحد . ووصل إلى الديار المصرية ، في أوائل سنة ثلاث وسبعمائة ، واستقر بها . وأقطعه السلطان الملك الناصر إقطاعاً متميزاً ، بحلقتها . وأخبرني أنه لم يبق من أولاد الملك الموحد - لصلبه - سواه . وأن بقية من ذكرناهم أفناهم الموت والقتل .
وذلك في سنة أربع وعشرين وسبعمائة .

الصفحة 261