كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 268 """"""
ولنبدأ بذكر أخبارهم ، وسبب الاستيلاء عليهم .
ذكر أخبار الأتراك وابتداء أمرهم وكيف كان سبب الاستيلاء عليهم ، واتصالهم بملوك الإسلام . ومن استكثر منهم ، وتغالى في اتباعهم وقدمهم على العساكر
قد ذكرنا في أخبار الدولة العباسية من اتصل منهم بالخلفاء ، وتقدم على العساكر ، وعلا قدره وطار اسمه . وذكرنا أيضاً في أخبار الدولة العبيدية - في أيام المستنصر بالله - ما كان من أمرهم ، وقيامهم ، ومحاربتهم ناصر الدولة بن حمدان - تارة ، ومعه أخرى .
ثم ذكرنا أن الملك الناصر - صلاح الدين يوسف بن أيوب - كان من اهتم بتحصيلهم ، وأخوه الملك العادل ، ثم ابنه الملك الكامل . وكانوا إذ ذاك لا يجلبهم التجار إلا خفية ، ولا يقدرون على تحصيلهم إلا سرقة ، لأن حماهم كان مصونا من التجاهر ببيعهم ، أو التطرق إليهم .
وأما السبب الموجب للاستيلاء عليهم ، وبيعهم في الأمصار - فهو أنه لما ظهر جنكزخان التمرجي ، ملك التتار ، واستولى على البلاد الشرقية والشمالية ، وبث عساكره في البلاد ، فانتهوا إلى بلاد القفجاق واللان ، وأوقعوا بهم - على ما قدمنا ذكره ، في أخبار الدولة الجنكزخانية - فبيعت ذرارى الترك والقفجاق ، وجلبها التجار إلى الأمصار .
ثم رجعت عنهم هذه الطائفة الذين ندبهم جنكزخان إليهم ، في سنة ست عشرة وستمائة - وهم التتار المغربة - وعادوا إلى ملكهم جنكزخان .
واستقرت طوائف الأتراك بأماكنهم من البلاد الشمالية . وهو أصحاب عمود ، لا يسكنون دارا ، ولا يستوطنون جدارا ، بل يصيفون في أرض ويشتون بأخرى . وهم قبائل كثيرة فمن قبائلهم ما أورده الأمير ركن الدين بيبرس ، الدواداري المنصوري ، نائب السلطنة الشريفة كان - أحسن الله عقباه ، وقد فعل ، وعامله بألطافه فيما بقي من الأجل - في تاريخه : قبيلة طقصبا . وتيبا . وبرج أغلى . والبرلي ، وقنغر أغلى . وأنجغلي .

الصفحة 268